رسائل من واشنطن لأعدائها وحلفائها

سياقات متباينة يمكن أن تؤخذ فيها الضربة الأمريكية على مطار لنظام بشار الأسد، منها ما هو شديد التفاؤل، ومنها ما هو منه حذر، ومنها ما يعتبرها لا أكثر من ضربة تقوي ظهر بشار ولا تكسره، ومنها ما لا يرى فيها أي تأثير، ومنها ما يؤطرها في حدود التنافس الدولي عامة دون النظر إلى ميدان الرماية ذاته..
لكن واشنطن معنية بإرسال رسائل متعددة بضرباتها تلك:
لروسيا: أنها غير مطلقة اليد في المنطقة، وأنها غير قادرة على تجاوز التفوق التقني للسلاح الأمريكي في العالم (تعمدت واشنطن أن تكون الضربة صاروخية من البحر منعاً للاحتكاك مع الروس، ولعقد مقارنة بين الصواريخ الروسية التي ضلت طريقها لروسيا من غواصات بحر قزوين، وصواريخ توماهوك الأمريكية التي ضربت أهدافاً داخل مطار تجنبت معه إلحاق الضرر بالوحدة العسكرية الروسية فيه لإبراز دقة التصويب الأمريكي).
للكيان الصهيوني: أنها ملتزمة بالحفاظ على أمنه وعدم تعريض مغتصبي فلسطين لأي احتمال بوقوع سلاح كيماوي في أيدٍ “غير أمينة” (في هذا السياق: كيف يمكن فهم استهداف المضادات الأرضية السورية بالقصف الصاروخي في وقت لا يضيف هذا أي مزية للثوار وإنما الكيان الصهيوني وحده على وجه التحديد)!
للدول الخليجية: أنها ما زالت تمسك بزمام المنطقة لم تبرحها، وأنها ملتزمة باتفاقاتها الأمنية مع حكوماتها.
لإيران: أن الاتفاق النووي له استحقاقاته الأمريكية التي يتعين على الحرس الثوري والملالي الإيرانيين ألا يتناسوه.
للنظام السوري: أن عليه قريباً أن يذعن للحل الأمريكي بعد إخفاقه المستمر في الإفادة من التواطؤ الأوروأمريكي معه.
هذا الأخير، قد يذهب بنا إلى احتمال ترتيب اتفاق الحل الوسط في سوريا برعاية أمريكية بعدما راوحت مفاوضات أستانة وجنيف مكانها، وبعد تجاهل متعمد من الأتراك والروس للأمريكيين في المفاوضات الأولى اعتماداً على تراجع الدور الأمريكي في سوريا. إذ بدا أن الأمريكيين ماضون في لعب دور أكثر حضوراً في الساحة السورية يؤذن به مضاعفة عديد قواتها في المنطقة (في سوريا ميدانياً، وفي الكويت وقطر تحضيرياً)، والاحتلال المتعاظم المساند للقوات الكردية غرب وشرق الفرات. (سياقات وأصول ومعطيات الضربة الأمريكية بسوريا، أمير سعيد).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *