رمضان شهر ليس كباقي أشهر السنة، حيث يتحول المجتمع برمته خلال هذا الشهر ويتبدل، تتغير عادات الناس، وأوقات عملهم ونومهم وأكلهم وشربهم، وحتى مواعيدهم واهتماماتهم.
ومن الأمور اللافتة للنظر في هذا الشهر الإقبال الكبير على بيوت الله تعالى، حيث تعرف المساجد خلال هذا الشهر توافدا منقطع النظير لكافة الفئات العمرية، ومن الجنسين معا.
بالنسبة للنساء لا يمكن الحديث إطلاقا عن تضاعف عدد الوافدات منهن على المساجد، حيث أن الرقم أكبر من ذلك بكثير، أضف إلى ذلك تنافسهن وتسابقهن وتبكيرهن إلى الصلوات، وعقدهن حلقات لتدارس القرآن وتعلم تلاوته.
فرغم أشغال البيت وأعباء تحضير وجبات الإفطار والعشاء إلا أن المرأة حاضرة بقوة في مشاهد رمضان، وحديثنا هنا عن ربة البيت والمرأة العاملة على حد سواء.
أضف إلى ذلك أن بعض النساء اللواتي قصرن في واجب الحجاب تعدن إلى ارتداء زي العفة والحياء في هذا الشهر، ومنهن من تتمسك به ولا تنزعه حتى بعد نهاية رمضان.
أما الرجال ممن كانوا يهجرون المساجد فقد باتوا في هذا الشهر الفضيل يحجون إليها زرافات ووحدانا لأداء الفرائض وصلاة التراويح والتهجد، بل منهم من بات يطيل المكث في بيوت الله تاليا لكتابه ومستفيدا مما يلقى فيها من محاضرات وندوات ودروس.
المشاهد في رمضان أروع من أن تصفها بضع كلامات أو مشاعر عابرة، فحتى الأطفال في هذا الشهر ينالون نصيبهم من العبادة، فتجدهم بلباسهم التقليدي الجميل يأخذون بيد أحد أبويهم ويرافقوهم إلى المساجد والمصليات، ومنهم من يواصل طواعية صلاة التراويح إلى نهايتها.
ومن المشاهد البديعة في هذا الشهر، البذل والعطاء والتكافل، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، حيث تركز عدد من الجمعيات مجهوداتها لتقديم إعانات مادية ومواد غذائية للأسر المعوزة، نفس الشيء تقوم به عدد من الأسر التي تقدم يد المساعدة لذوي الفقر والحاجة من أفراد عائلتها.
حتى بعض المقاهي والمطاعم الخاصة تفتح أبوابها بالمجان أمام الصائمين في شهر الكرم والعطاء، لا لشيء سوى لينال أصحابها الأجر والثواب في شهر تتضاعف فيه الأعمال والأجور.
التغير في رمضان لا يقتصر على تقويت العمل ووجبات الأكل والشرب، فالمجتمع برمته يتغير ويتبدل، نعم هناك ظواهر سلبية وشاذة تظهر في هذا الشهر أيضا، لكن إياجبياته لا يمكن مقارنتها بشيء آخر على الإطلاق.