الأمم المتحدة عازمة على المضي قدماً في تنفيذ مخططاتها، حيث أعلنت عن عقدها اجتماعاً للجمعية العمومية لإطلاق وثيقة جديدة بعنوان: “تحويل عالمنا: أجندة 2030 للتنمية المستدامة”.
ومن المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية تستخدم الشرعية الدولية الزائفة عبر استغلال الأمم المتحدة، وأجهزتها السياسية والمالية والثقافية: كالبنك الدولي، ومنظمة اليونسكو، ومنظمة حقوق الإنسان، وغيرها، وكلها تخضع للتوجيه الأمريكي الواضح أو المستتر.
ومن الاتفاقيات الدولية التي ترعاها الولايات المتحد الاتفاقيات الخاصة -حسب زعمها- اتفاقيات السكان والتنمية واتفاقيات حماية حقوق الإنسان، وإزالة آثار كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وهي في كل مرة تعمل على إلزام الدول الإسلامية بالتوقيع عليها، مع قيام عملائها في العالم الإسلامي بحملة إعلامية لتضليل الرأي العام الإسلامي، وإيهام المرأة المسلمة أنّ الظلم كله واقع عليها، وأن هذه الاتفاقيات الدولية سترفع عنها الجور والظلم، وأنّ الأمم المتحدة ستحررها من سطوة مجتمعها، مع أنّها في حقيقة الأمر تريد هلاكها، وتفكيك الأسرة المسلمة، وتدمير مجتمعها، ويظهر ذلك عند مراجعة كافة وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة المتعلقة بالسكان والتنمية، وحقوق الإنسان، والمرأة ونحوها.
نعم فمن يراجع تلك الاتفاقيات يجدها كلها تركِّز على الفرد وتدعي أنه هو الأسـاس، ومصالحـه ورغباتـه هـي المعيـار، لا الديـن ولا الأمة، ولا العائلة، ولا التقاليد، ولا العرف، ومن حق الفرد التخلص من القيود التي تفرض من جانب تلك الجهات.
كما تتحدث عن ممارسة الجنس دون أن تفترض وجود زواج، وعن ممارسة الجنس بين المراهقين دون أن تستهجنه، والمهم في نظرها ألا تؤدي هذه الممارسة الآثمة إلى الوقوع في الأمراض الجنسية.
والواجب توعية المراهقين وتقديم النصائح المتعلقة بممارسة الجنس ومنع الحمل، وتوفير منتهى السرية لهم في ممارساتهم الجنسية المحرمة، واحترام حقهم في الاحتفاظ بنشاطهم الجنسي سراً عن الجميع.
ولا تدين وثائق الأمم المتحدة الإجهاض حتى ولو لم يكن ثمة خطر على صحة الأم، المهم أن يكون الإجهاض آمناً لا يهدد حياة الأم.
إنّ الإجهاض الذي تدعو إليه وثائق منظمة الأمم المتحدة من خلال مؤتمراتها ووثائقها له صلة وثيقة بإباحية الجنس، المسقطة للقيود والالتزامات، دونما شرع أو قواعد آمرة ضابطة، واستهجنت وثائقها أيضا الأمومة المبكرة دون أن تميِّز بين ما إذا كانت هذه الأمومة قد حدثت في نطاق الزواج الشرعي أم خارجه، لأنَّها في نظرها تزيد من معدلات النمو في العالم الإسلامي، زاعمة أنها تقيد المرأة من العمل والمساهمة في الإنتاج.
كما تدعو الأمم المتحدة للمساواة التامة بين المرأة والرجل دونما ضوابط شرعية أو أخلاقية أو قيود، فحثت المرأة على إلغاء الفوارق الطبيعية بينها وبين الرجل، ومن ذلك: اشتراك الرجل في الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال أسوة بالنساء، دون النظر إلى اختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الرجال والنساء.
إنّ قارئ بعض الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة، يلاحظ أنه ورد بها مكررًا مئات المرات، عبارات مثل: الخدمات الصحية التناسلية، والجنسية والنشاط الجنسي للأفراد، واعتبار ممارسة الجنس والإنجاب حرية شخصية، وليست مسؤولية جماعية… الخ..
هذا الذي يفوح خبثًا، وكأن هذه الوثائق تُعنى بصورة أساسية بأمور الجنس، والتناسل، وليس بالسكان والتنمية، كما تزعم..
إن الاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة تستهدف إبطال الشرائع الدينية، وإحلال محلها التشريعات الوضعية التي تنص عليها هذه الاتفاقيات، وفي مقدمة هذه التشريعات الشريعة الإسلامية، التي وضعت التشريعات وفق ما يتناسب وفطرة الذكر والأنثى، وكلنا يعرف اختلاف الذكر والأنثى في التركيب الفسيولوجي والبيولوجي لاختلافهما في المهام والوظائف فهما يخضعان لقانون الزوجية الذي تخضع له جميع الكائنات في هذا الكون، وقد أعلنها جل شأنه: {وليس الذكر كالأنثى} آل عمران:36.
والله الذي خلقنا هو أعلم بنا من كل البشر الذين وضعوا هذه الأنظمة والقوانين، والتي وضعوها ليس لخير البشرية، وإنما لغايات وأهداف خبيثة خطيرة يسعون لتحقيقها لزيادة الهيمنة والسيطرة.
إن الله تعالى الذي خلقنا من صفاته العدل، ونحن الذين أسأنا تطبيق تشريعاته ومن ثمّ وقع ظلم على المرأة من جراء ذلك، ولذا فعلينا أن نراجع أنفسنا ونصحح أخطاءنا ونطبِّق شرع الله تعالى، لتكون كلمة الله هي العليا. وكلنا يقين بأن كيد الكائدين سيرتد عليهم وبالاً وحسرة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} الأنفال:36.