منذ سنوات عديدة، ظل إشكال غياب عدد كاف من المساجد، يطرح بإلحاح في إيطاليا خلال شهر رمضان الكريم، ذلك أن أبواب مسجدين رسميين فقط، بروما وميلانو، إلى جانب عدد يسير من البنيات التي تشبه المساجد هي في الواقع جمعيات ثقافية، هي التي تفتح أمام غالبية المؤمنين الذين يقصدونها، ولا سيما أثناء صلاة الجمعة أو الأعياد الدينية.
هذا الواقع حدا بالكثير من المسلمين في إيطاليا، والذين يبلغ عددهم نحو 1,5 مليون شخص من ضمنهم 600 ألف مغربي على إيجاد حلول مرتجلة ومؤقتة، وخصوصا خلال هذا الشهر الفضيل، لأداء صلاة التراويح حيث ينتظم بعضهم لممارسة شعائرهم الدينية في منازلهم بالتناوب، في ما يلجأ كثيرون إلى أماكن أخرى واسعة من قبيل مواقف السيارات والمرائب والحدائق وأماكن أخرى طاهرة.
يقول أحمد الذي يقيم بضواحي العاصمة الإيطالية إنه عليه أن يقطع روما بكاملها للوصول لمسجدها الكبير والوحيد، والبعيد جدا عن مقر سكناه، حيث يضطر لأخذ ميترو الأنفاق ثم الحافلة ثم السير مسافة على القدمين.
وبالنسبة لعدد من المغاربة في روما، فإنه في غياب الأجواء الحميمية والرمضانية بهذه المدينة، التي تعتبر مركزية بالنسبة للديانة المسيحية، فإن الحل يكمن في زيارة المغرب.
أسماء من طورينو تقول أنهم ينظمون إفطارات جماعية في مسجد طورينو وتسهر الجالية من كل جنسيات وخاصة المغاربة لأنهم الأكثرية، على الاهتمام بأنشطتها في رمضان، ومن ذلك تنظيم المصلين والدروس والإفطارات والأنشطة المتنوعة، وعن عدد ساعات الصوم، تقول أسماء أنها في مدينتها تبلغ 18 ساعة، حيث السحور ينتهي على الساعة 3h17 في حين يبدأ الفطور الساعة 20h59.
وعن مناسبة رمضان في فرنسا يقول مصطفى أنها فرصة موسمية يبرز فيها المسلمون ما يختصون به عن غيرهم من صيام شهر كامل، وهو مناسبة تنتشر فيها العادات المعروفة في بلاد المسلمين في كل ما يخص الطعام وحركة الليل والإقبال على المساجد، وهي فرصة للتعريف بالإسلام وحضارته وثقافته.
وعن الأنشطة التي يقوم بها المغاربة هناك، قال إنهم يسهرون على إفطار أكثر من مائة شخص كل يوم من الطلبة المغتربين، وكبار السن الذين يعيشون بدون عوائلهم، وذوي الدخل المحدود، وغيرهم ممن هم في حاجة إلى مواساة في هذا الشهر الكريم.
وينظمون دروسا ومواعظ بعد كل صلاة وقبل التراويح بالعربي والفرنسي في الفقه الإسلامي والسيرة النبوية والأخلاق لمساعدة الصائمين على استثمار صيامهم.
ويوزعون مطوية رمضان على مدارس المدينة ومستشفياتها ودوائرها الحكومية، للتعريف برمضان ووقت الفطور، وخاصية الصائم التعبدية حتى يعرفوا كيف يتعاملون مع الطلبة والموظفين من المسلمين.
وتحدث مصطفى عن دخول الناس في الإسلام، وقلما يمر يوم دون أن يتم الإعلان عن مسلمين جدد في مسجد من المساجد.
بهيجة تقول أن مسجد مدينتها في فرنسا يقوم بأعداد إفطارات جماعية للمحتاجين تقوم بإعدادها امرأة تتقاضى أجرا عن ذلك، وأن هناك من يستغل الشهر لحفظ القرآن في المسجد.
مريم من ألمانيا أخبرتنا أن الألمان يحترمون رمضان جدا، وأنهم في العمل يتجنبون كل ما يمكن أن يؤذي المسلم، من شرب للخمر أو تدخين، بل حتى الأكل.
وعن عادة المغاربة في الإفطار في مدينة هامبورغ، تقول مريم أن غالبهم يجتمعون كل سبت للإفطار جماعيا، لكنها لا تفعل ذلك، لأنها ملتزمة ببرنامج وضعته لنفسها، تقوم بموجبه بإفطار لاجئ أو اثنين كل تستدعيه لبيتها مع عائلتها.
وإذا كانت شوارع هولاندا لا توحي تماما بحلول شهر رمضان عكس البلدان الإسلامية، فإن مغاربة هولندا وباقي الجاليات المسلمة تبذل ما في وسعها لتعيش الشهر المبارك بكل ما يجسده على المستويين الديني والثقافي وخاصة التقاليد الغذائية، ففي الأسواق والمحلات الممتازة التي يرتادها المغاربة، يسود جو يذكر نوعا ما بالوطن. كما يحرص مغاربة هولندا، خاصة المجاورين للمساجد، على أداء صلاة التراويح، إذ أنه بمجرد رفع الأذان، يتقاطر المواطنون المسلمون، من جميع الفئات، على المساجد لأداء هذه السنة الرمضانية، وينظم المغاربة إفطارات جماعية بالمساجد خاصة مسجد الأمة بالعاصمة أمستردام.
ويبرمج العديد من المواطنين المغاربة إجازاتهم لتتزامن مع هذا الشهر الفضيل كي يكونوا بين ذويهم في المغرب.
وتستعد الجالية المغربية خاصة والمسلمة عامة بجزر مايوركا كما هو الحال بمدن أخرى بإسبانيا، لاستقبال شهر رمضان المبارك، حيث إن أغلب المتاجر والمحلات المغربية تشهد توافد عدد كبير منهم لاقتناء كل الحاجيات الضرورية لإعداد الحلويات وكل الأطباق المستلزمة لهذا الشهر الفضيل. وأيضاً قام بعض المحسنين بحملة تنظيف لبيوت الله.
كما تقوم الجمعيات الإسلامية ببذل أقصى جهدها، لتنظيم برامج خاصة مثل الإفطارات الجماعية التي يدعى إليها المسلمون. والمحاضرات والمؤتمرات التي تعالج قضايا عامة تخص الأمة الإسلامية في الخارج.