القوانين المعمول بها عاجزة عن التصدي للجريمة

قبل خمس سنوات تقريبا فاجأ المحامي عثمان المريني في ندوة نظمتها استئنافية القنيطرة في مقر الجهة، في إطار الحوار الوطني من أجل إصلاح منظومة العدالة، الحضورَ بدعوته إلى تبني الشريعة الإسلامية كخيار استراتيجي وأساسي لأي إصلاح يروم وضع جهاز القضاء على سكته الصحيحة.
واعتبر المحامي عضو هيأة المحامين في القنيطرة، في تدخله أمام عدد من القضاة والمحامين وكتاب الضبط والمفوضين القضائيين والموثقين، أن (اعتماد العدالة المغربية على القوانين الوضعية الآتية من الغرب وتطبيق العقوبات المستقاة منها لم يزد الإجرامَ إلا استفحالا داخل المجتمع)، وأضاف أن (القوانين المعمول بها حاليا لم تُصلح من وضع العدالة في شيء، طالما أنها أقصت القرآنَ والسنة كمرجع).
وقال المحامي إن القضاء يعتمد نصوصا قانونية غريبة عن المواطن وبعيدة عن هويته، وأشار إلى أن الحل السليم للخروج من المشاكل الجمة التي يتخبط فيها هذا الجهاز هو تطبيق العقوبات الإسلامية لطابعها الردعي، موضحا أن (اعتماد عقوبة حد قطع يد السارق ورجم الزاني سيجنب تراكم الملفات في الرفوف، لكون الحدود الشرعية تحقق الردع للآخرين، وفيها العظة لمن تُسوّل له نفسه ارتكاب مثل هذه الجرائم المتفشية بشكل كبير في المجتمع)، معربا عن أسفه لاهتمام المسؤولين القضائيين بالإحصائيات عوض أن ينصبّ الاهتمام على محتوى الأحكام القضائية الصادرة وعلى مدى إنصافها للمتقاضين. (المساء؛ ع:1878 بتاريخ: 09/10/2012).
وهي شهادة جريئة حقا؛ ومطلب لا يفصح عنه إلا شخص لا يعبأ بأبواق الغزو الفكري والإعلام الاستئصالي الذي ينعت عادة كل من يرفع هذه المطالب بالتشدد والرجعية والهمجية والتخلف.
والمثير للانتباه في هذا المطلب صدوره من رجل من أهل الميدان ومن ممارس يعلم -من خلال عمله اليومي- مدى قصور القانون الوضعي المستمد من النظام الجنائي الغربي في الحد من الجريمة التي صارت ظاهرة في المغرب كما هي في الغرب.
حيث تأكد للجميع اليوم أن القوانين الجاري بها العمل عاجزة كل العجز عن الحد من الجريمة أو حتى التقليل منها؛ إضافة إلى تراكم القضايا والملفات، وفقدان المواطنين الثقة في جهاز القضاء، واكتظاظ السجون والإصلاحيات بالمجرمين نتيجة ضعف قـوة الردع، بالإضافة إلى إرهاق خزينة الدولة وتحمل المؤسسات السجنية والأمنية أعباء كثيرة مضاعفة؛ بمحاولتها معالجة إفرازات الظاهرة؛ وتعبئة القوى والطاقات للحد من انتشارها؛ دون جدوى..
ومقابل ذلك؛ فالجريمة آخذة في الانتشار والتنظيم يوما بعد آخر؛ سواء تعلق الأمر بجرائم السطو أو الاعتداء على الأشخاص أو الإخلال بالأمن العام أو الاختلاس أو التزوير أو الاحتيال.. ولم يعد المواطن المسكين يأمن على نفسه خاصة في المدن الكبرى.
وما يقتل في الدار البيضاء وحدها جراء عمليات الإجرام الفردية والمنظمة أضعاف ما قتل حدا إبان الحكم الأموي كله؛ فالحكمة والعقل والإرادة الصادقة والنظرة العميقة والمقاربة الجادة.. كل ذلك يحث المتدخلين والساهرين على حماية الأمن على وضع استراتيجية متكاملة للحد من ظاهرة الجريمة.
استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار ودون حساسية كل الجوانب المؤثرة في هذا الموضوع؛ وتضع نظاما عقابيا يحفظ مصالح الناس وكذا النظام العام من الخلل والتفكك والانهيار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *