حملات التحريض والكراهية التي شهدها المغرب في مجالات السياسة والثقافة والإعلام خلال 2017 نبيل غزال

 

التحريض، الإقصاء، الإكراه.. مصطلحات لطالما تكررت على مسامعنا صباح مساء، عبر جل وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، الكل يعزف على إيقاع نبذ هذه المصلحات وحمولاتها القدحية.

وما دامت جل المنابر الإعلامية العمومية والخاصة تعمل وفق مرجعية الثقافة الغالبة، وثقافة حقوق الإنسان بمفهومها الغربي، فإن المستهدف بالدرجة الأولى بهذا الخطاب هم أصحاب المرجعية الإسلامية، والمحافظون أو الجماعات الإسلامية والمتمسكون بهويتهم ودينهم ومرجعيتهم على اختلاف مشاربهم ومناهجهم.

في هذه الورقة، والتي سنخصصها لمجموعة من الأحداث التي عرفتها سنة 2017، نود أن نقف على المسافة التي تفصل التيار اللاديني عن الإقصاء وإذكائه لروح الكراهية في المجتمع..

نريد أن نعلم مدى التزام من ينسب نفسه للعلمانية، سواء في المجال السياسي أو الإعلامي أو الفكري أو الحقوقي، بالدفاع عن الحقوق والحريات في كل الاتجاهات، وفق ما يعلنون، ومدى احترامهم للآخر ومخالفهم على وجه الخصوص..

 

التحريض ضد الشخصيات العلمية والسياسية

خصصت يومية “آخر ساعة” مجموعة من المواد للتحريض ضد بعض رموز العلم والدعوة والفكر في المغرب.

ففي عددها ليوم الخميس 5 أكتوبر 2017 وعلى صفحتها الأولى، هاجم رئيس تحرير يومية “آخر ساعة” أحمد نشاطي، الشيخ الحسن الكتاني، لا لشيء سوى لأنه كان من المزمع أن يلقي محاضرة بالمعهد الوطني للبريد والمواصلات، كما هاجم كلا من الدكتور أحمد الريسوني ووصفه بـ”الإخواني التكفيري” والدكتور/المهندس عصام البشير ورماه بـ”التطرف”.

يومية “الصباح” والتي لها سجل حافل في التحريض والكراهية حاولت أن تشعل الحرب بين الشيخ الحسن الكتاني ونشطاء الريف.

فبعد أن اتهمته مرات متعددة بتكفير شخصيات معينة، أقدمت في 29 غشت 2017 وتحت عنوان (سلفيون يكفرون مقاطعي “العيد الكبير”) على اتهام الكتاني بتكفير كل نشطاء حراك الريف.

وفي هذا الصدد كتب الشيخ الكتاني “مع الأسف فهناك أياد شريرة تصورني مرارا وتكرارا بأنني ضد إخواني في الريف ومن تابع كتاباتي يتبين له عكس هذا الكلام تماما” اهـ.

الدكتور أحمد الريسوني نال بدوره نصيبا كبيرا من الهجوم والتحريض بعد إلقاء كلمة في مؤتمر منظمة التجديد الطلابي، حيث خصصت يومية “الاتحاد الاشتراكي” يوم الإثنين 07 غشت 2017 مادتين إعلاميتين للهجوم على الريسوني، الأولى ليونس مجاهد وصف فيها مدير “مركز مقاصد” بـ: “القيادي المعروف بولائه للتيارات الظلامية الخليجية”، والثانية لعبد الحميد جماهري من خلال شبه مقال عنونه بـ”يوم فتح الريسوني «ظهر المهراز».. وضمها إلى دولة الإسلام”!

الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة هاجم بقوة خطيب الشرق عبد الله نهاري، وبعد أن انتقد طريقته في الخطابة، انتقل إلى انتقاد خطبة قديمة للنهاري حول الاحتفال برأس السنة الميلادية سجلت في 2011، وحاول إلياس العماري من خلالها التحريض ضد الخطيب المعزول قائلا: “كيف تفتي، يا شيخ، بتحريم أعياد الميلاد، وتكفير من يحتفل بها من المسلمين وغير المسلمين. بل رميت بالكفر الممارسين للبيع والشراء في هذه الاحتفالات.. حين يستمعون لفتاوي شيخ من رتبتك يكفر كل من يتعامل مع أعياد الميلاد، ولو بإرسال تهاني العيد، للسقوط في خطر الجهاد المادي العنيف ومحاربة من تنعتهم بالكفر بالعنف والسلاح”، علما أن الشيخ نهاري لم يرد على لسانه على الإطلاق لفظ التكفير أو الخروج من الملة أو ما شابه ذلك.

هذا وقد هاجمت مجموعة من المنابر الإعلامية محمد يتيم، القيادي بحزب العدالة والتنمية في نفس السنة، وحرضت ضده بترويج اتهامات باطلة ألقاها جزافا لحسن بوعرفة، عضو حزب الأصالة والمعاصرة، المعروف بخرجاته وتصريحاته المثيرة للجدل.

وكتبت مجموعة من المنابر الإعلامية في يوم واحد عناوين من قبيل:

– “يتيم في قلب فضيحة بيدوفيليا” (آخر ساعة).

– “دخان البيدوفيليا يتصاعد في بيت البيجيدي” (الصباح).

– “اتهام قيادي بالبيجيدي مرشح لنيل حقيبة وزارية باغتصاب الأطفال” (الأخبار).

وعلى المنوال نفسه سارت مجموعة من المنابر الإلكترونية مثل “الزنقة 20″ و”أخبارنا” و”هسبريس”.. التي قرر محمد يتيم متابعتها ولحسن بوعرفة قضائيا.

مدير التحرير بقناة ميدي 1 تيفي Medi1Tv تهجم بطريقة سافرة على وزيرة الأسرة والتضامن بسيمة الحقاوي؛ المثير ليس هو انتقاد صحافي لوزيرة وإنما هو إقصاؤه واستهدافه لحجابها، واستدعاؤه -وهو مسؤول بقناة عمومية- لمرجعيته الفكرية العلمانية التي تحارب الحجاب وتسعى إلى تغييبه، لمهاجمة وزيرة ومسؤولة دولة.

حيث كتب عمر الذهبي: “لا يعقل أن تكون لدينا وزيرة للمرأة ستدفع بتحرر المرأة، وهي غير قادرة حتى على التحرر من حجابها”.

 

الرمي بتهم الأصولية والإرهاب والدعشنة

وصف عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة امحمد لقماني، حزب العدالة والتنمية بـ”الحزب الأصولي” الذي يدافع عن الفتنة والإرهاب، وكتب لقماني: “هكذا إذن، بلا حشمة ولا استحياء، اصطف نواب الحزب الأصولي من داخل البرلمان للدفاع عن دعاة الفتنة والإرهاب، مطالبين بإطلاق سراحهم ليقينهم بأن ما قـام به صبيان حزبهم هو مجرد ممارسة حقهم المقدس في التعبير عن الرأي! وهو الرأي في القتل طبعا”.

وفي افتتاحية له بعنوان “الاغتيال عقيدة” كتب عضو هيئة تحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي، يونس مجاهد، أن كل حركات “الإسلام السياسي” تتبنى الفكر الظلامي لداعش، بكل مرجعياته، وأضاف خاصة “فتاوى ابن تيمية الذي يسمى عندهم شيخ الإسلام”.

كلام لا يحتاج إلى تعليق لأنه يقطر حقدا وكراهة وجهلا أيضا بأعلام الإسلام ورموزه.

 

الدعوة إلى الذبح والتصفية الجسدية

في مقطع فيديو بعنوان “حين تغضب مليكة مزان غيرة على الشعب الكردي” صرحت الناشطة الأمازيغية المثيرة للجدل عقب استفتاء الاستقلال لدولة كردستان عن العراق بقولها: “إما أن تقوم دولة كوردستان أو نقوم نحن الأمازيغ بذبح العرب في شمال إفريقيا ذبحا واحد واحدا اختاروا يا ملاعين”.

وقد كلفها تحريضها على ارتكاب الجناية والتمييز العنصري الحبس شهرين نافذين فقط، في حين يواجه المنتسبون للحركات الإسلامية في أقل من هذا أحكام تتجاوز السنة والسنتين.

 

استهداف الزي النسائي: النقاب

بعد أن قررت سلطات وزارة الداخلية منع خياطة وبيع النقاب في الأسواق العمومية، وإلزام التجار بالتخلص من بضائعهم في ظرف زمني لا يتجاوز 48 ساعة، خرجت مجموعة من الفعاليات لتستنكر هذا التعسف، فما كان لـ”امحمد اللقماني”، عضو المكتب السياسي لحزب الصالة والمعاصرة، إلا أن كتب بلغة صريحة وواضحة: “فجأة وبغير قليل من العجب، انتبه بعض الحقوقيين والديمقراطيين إلى أن منع لباس البؤس النسائي من برقع وخمار وكل ما يدخل في الدربلة الإخوانية، إنما يدخل في باب المس بالحريات والحقوق!! ولا ضير لديهم إن كان ذلك القماش اللعين هو حمال ثقافة مهينة للمرأة نفسها، بحسبانها عورة يجب سترها”.

المتطرف سعيد لكحل طالب دون أن يرف له جفن بحظر النقاب وفرض غرامات على من تضعه، وكتب: “لسنا أفضل من هذه الدول الأوربية التي حظرت لباس البرقع والخمار.. على الدولة المغربية أن تحذو حذو الدول الأوربية في فرض غرامات مالية باهضة ضد من يخرق قانون حظر لباس البرقع والخمار في الأماكن العمومية”.

صاحب فضيحة قناة “ميادين” مدير يومية “الأحداث المغربية” المختار الغزيوي قال بصريح العبارة: “مابغيناش لباس الطالبان.. النقاب ماشي حرية شخصية. النقاب اختيار اجتماعي وسياسي واضح”.

يومية «الأحداث» ذاتها نشرت بتاريخ 25 يناير 2017 مقالا قال كاتبه أن “البرقع تضعه الدَّواب ولا حظ لهذا اللباس من الحرية”.

حنان رحاب، عضو المكتب التنفيذي لحزب الاتحاد الاشتراكي صرحت بدورها أن “منع النقاب أو البرقع لا يعتبر تعديا على الحريات الشخصية مادام لمصلحة اجتماعية وضمن القانون”.

بدوره وظف المثير للجدل محمد بوصفيحة الملقب بـ”مومو” النقاب لتصوير المرأة التي اختارت هذا اللباس أنها إرهابية ومتطرفة، وذلك من خلال مشهد دخول مجموعة مسلحة (تلبس النقاب) إلى استوديو تصوير البرنامج الذي ينشطه، مشهرين مسدساتهم، ثم بعد انتهاء كمين “الكاميرا الخفية”، وإماطة النقاب عن الوجوه، تبين أن من كان خلف النقاب ذكورا.

ولك أن تقرأ بعد متابعة المقطع ما شئت من رسائل سلبية، وما تذكيه مثل هاته المشاهد من حقد وكراهية وبغي على الآخر.

 

الرمي بالأحكام والتهم جزافا

مطلع شهر شتنبر الماضي خصص برنامج “هي الحدث” على قناة “فرانس24” حلقته لموضوع الاعتداء على فتاة في حافلة عمومية من طرف شباب طائشين، واختارت القناة عنوان: (فتاة الحافلة: ماذا بعد الصدمة؟)، واستقبلت معدة البرنامج “ميسلون نصار” المتطرف أحمد عصيد، والذي ادعى في البرنامج أن سبب الاعتداء على فتاة الحافلة هو “شيوع التطرف الديني بسبب الأيديولوجيات الوافدة مثل أيديولوجية الإخوان المسلمين والأديولوجية الوهابية السعودية“. وأن المستهدف الرئيسي من هذه الأيديولوجيات -وفق عصيد دوما- هو “المرأة سواء داخل المؤسسات أو في الشارع حيث يتم السعي إلى إقصائها بالكامل”.

ليدعي بعد ذلك، مَن سبق له أن وصفَ رسائل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالإرهابية، بأن “خطباء المساجد والدعاة يحرضون على النساء ويعتبرون ضرب المرأة تأديبا لها، وأن هذا واجب الرجل“، مثل هؤلاء -وفق تحريض عصيد- “يشكلون خطرا على مكتسباتنا الديمقراطية”.

عصيد وفي لقاء آخر هذه المرة مع منبر “سلطانة” وصف تعدد الزوجات بالانحراف والشذوذ، وادعى أن “الآية التي تقول بالتعدد لا تبيح التعدد وإنما ادّارت -بالدارجة- ليها قراءة ذكورية.. والرجل كان يحتل كل الفضاءات ويعمل قوانين لصالحه، لذلك هناك فقهاء آخرين قرؤوا قراءة أخرى للآية متطابقة للآية”.

وهذا ادعاء يضع عصيد، إن كان يعمل عقله، في موقف حرج، لأن التفسير لا علاقة له بالجنس، أضف إلى ذلك أن هذا النص بالذات فسرته امرأة، وهي عائشة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

استهداف كتب التراث (البخاري نموذجا)

في عددها:753 لشهر أبريل 2017م خصصت أسبوعية “الأيام” ملفا للهجوم على صحيح الإمام البخاري، وعنونته بـ”صحيح البخاري ليس صحيحا” وضم ملفها طعنا وسبا لعلماء الأمة وكتبها وتراثها وإبداعاتها.

وفي نهاية أكتوبر شنت مجموعة من المنابر الإعلامية حملة إشهار كبيرة للكتاب المثير للجدل (صحيح البخاري نهاية أسطورة)، فبالرغم من أن الكتاب مسروق من المواقع الإلكترونية، ولغته ضعيفة جدا، وكاتبه يفتقر لمؤهلات التأليف والبحث في مثل هذه المجالات، إلا أن عددا من المنابر الوطنية والدولية طارت به فرحا، لا لشيء سوى لأنه يخدم طرحها وينال من عدوها الأيديولوجي.

 

التحريض ضد المخالف

تعرض الدكتور زغلول النجار، عضو الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، أثناء زيارته للعاصمة العلمية فاس، منتصف شهر أبريل، لحملة تحريض مغرضة، سواء من خلال التشويش عليه أثناء إلقاء محاضراته، أو من خلال استهدافه بشكل فج من طرف بعض السياسيين والمنابر الإعلامية.

وأعطت اليومية المثيرة للجدل “آخر ساعة” في عددها ليوم الثلاثاء 25 أبريل 2017 الموضوع أولية كبرى، وخصصت الصورة الرئيسة على صفحتها الأولى للنيل من الدكتور النجار، وحرضت ضده ونقلت ارتسامات بعض الفاعلين الذين يتبنون طرحها العلماني الموغل في التطرف، ومن ضمنهم سعيد لكحل، والمثير للجدل “أبو حفص محمد رفيقي” الذي انتقل وبسرعة الريح من التطرف الديني إلى التطرف اللاديني.

وتعليقا على خبر اعتقال السلطات السعودية للشيخ سعيد بن مسفر القحطاني، عضو هيئة التدريس في كلية الحرم المكي، كتب سعيد الكحل على حسابه في فيسبوك شامتا: “هذا المتطرف يستاهل السجن وأكثر من السجن“.

 

الطعن الصريح في الثوابت ومسلمات الدين

اشتاطت الجريدة الإلكترونية “كود”، من سجود بعض اللاعبين في مباريات كرة القدم، واعتبرت هذه الظاهرة مما ورد علينا من الشرق، كما حرضت ضد معلّمة تاونات التي كانت تعلم تلامذتها الصلاة في القسم، ووصفت مادة التربية الإسلامية بالمادة التي “تكلخ الجيل الصاعد”!

“كود” لم تستهدف ثاني ركن من أركان الإسلام فحسب، بل استهزأت بنبرة إلحادية من النبوة والرسل واعتبرت ذلك مجرد “بيزنس وبريكول تاراسوليت ممكن يزداهر في أي مكان“.. وأن “بعض الأذكياء (الرسل والأنبياء) كان يستغل سذاجة الناس لادعاء دين أو شرع جديد.. بإجابتهم عن أسئلتهم الوجودية حينها (من أين جئت؟ وماذا أفعل؟ وإلى أين أنا ذاهب؟)”!!

رئيس تحرير جريدة “الأحداث المغربية” يونس دافقير كتب بأن “ما يسمى عيد الأضحى هو التحالف التجاري الموضوعي بين تجار الدين وكبار الملاك الزراعيين ضد فقراء الوطن باسم خرافة كبش نزل من السماء“، تصريح صحافي القناة الثانية و”الأحداث المغربية” ازدراء واضح للدين الإسلامي ولما ورد في صريح القرآن والسنة المطهرة.

الخميس 11 ماي 2017، عرف ثلاث خرجات مثيرة؛ الأولى من أبي حفص محمد عبد الوهاب رفيقي، المتحول فكريا صوب الاتجاه العلماني، والذي هاجم مجددا نظام الإرث في الإسلام من خلال مروره في برنامج “دون تردد” على قناة ميدي1 تيفي.

الباحث في علم الاجتماع رشيد الجرموني هاجم مادة التربية الإسلامية التي تدرس للتلاميذ في مختلف المستويات الدراسية، مدعيا أنها “تتضمّن أمورا تؤدي إلى السقوط في الانغلاق الذي يفضي إلى توترات في المجتمع”، وأن “هناك أسرا مغربية تعارض أن يدرس أبناؤها مسائل مثل تحريم الخمر والربا وقضية الإرث.. مضيفا أنّ هذه المسائل “تطرحُ إشكالا”.

وخلال مؤتمر “السنة النبوية وتعزيز فكر الوسطية والاعتدال”، الذي انعقد بالدار البيضاء بين 28 و29 من شهر أكتوبر 2017، قال بوهندي أن “ما يطلق عليه الأحاديث النبوية هي مجرد ادعاءات عن الله ولا علاقة لها بالوحي“، وهاجم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدعيا أنها كلها غزوات وحروب ودماء!!

 

التحريض على الدعارة والفساد والإخلال العلني بالحياء

خصصت القناة الثانية M2 حلقة برنامج Des Histoires et des Hommes مطلع أبريل لموضوع العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج والجنس الرضائي، وسمحت القناة العمومية لمن يعلن مخالفة القانون بالتغرير بالمتابعين والقاصرين، وعوض أن تطرح الانحراف لتجد له حلولا عملت على تطبيعه، بل تسويقه على أنه انفتاح وتحرر وثورة على القديم.

البرنامج وباختصار يحرض على الزنا والفساد العلني، ويدفع في اتجاه تحرير العلاقات الجنسية من كل القيود الدينية والعرفية والأخلاقية، ويؤصل لنظرة مادية للكون والحياة والإنسان، ويرفع بالحرية الفردية وفق المفهوم العلماني، ويزري بالأخلاق والعفة والشرف وفق كل الشرائع السماوية.

وقد علق سعيد لكحل بعد البرنامج بأن القوانين المغربية المؤطرة في هذا المجال طالبانية، وكتب “القناة الثانية قدمت برنامجا جد مهم عن علاقة الحب والعلاقات الرضائية التي يمارسها الشباب وشرائح كثيرة من المواطنات والمواطنين، مجتمع علماني وقوانين طالبانية“.

بدوره “المختار لغزيوي” مدير يومية “الأحداث” قال إن “الشعب اللي كتخلعو كلمة “كنبغيك” ولا إشكال لديه مع كلمات البغض: “ماكنحملوش”، و”كنكرهو” شعب لديه مشكل حقيقي، يا نقلبو ليه على حل ونفتحو ليه كوة تحرر، يا نبدلو البلاصة آحبوب”.

 

الإقصاء بسبب اللحية

في موقف إقصائي ينم عن عقلية الإكراه واضطهاد الآخرين، تعرض نوفل العوالمة مقدم النشرات الرياضية على “قناة ميديد1 تيفي” للتوقيف لا لشيء سوى للحيته القصيرة.

فقد قرر عمر الذهبي مدير هيئات التحرير بقناة “ميدي 1 تي في” توقيف الإعلامي المعروف بطريقة وصفها نوفل بـ”البوليسية”، وتم تخييره بين حلق لحيته أو عدم تقديم البرنامج الرياضي.

 

التحريض على حراك الريف

تحت عنوان (حراك الريف.. غابت السباع فتسيّدت الضباع) هاجمت يومية “آخر ساعة” بطريقة مباشرة الحراك الشعبي في الحسيمة، وكتبت في هذا السياق اليومية المثيرة للجدل “نحن بصدد صراع مباشر على الثروة الوطنية ورهان العدالة في توزيعها، هم يجاهدون لاستدامة تحصيلها والاستفراد بها، ونحن نناضل لتوظيفها فيما ينفع مصلحة الغالبية منا”.

لتتهم اليومية المحتجين بأن “القول أننا مجرد مواطنين نطلب بحفنة مدارس ومستشفيات ومسالك ووظائف قول متهافت”، لأنه وفق اليومية ذاتها “لم يتأسس على وعي حاد بإشكالية عدالة توزيع الانتفاع بالثروة الوطنية”.

وحرضت اليومية التي أنشأها الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلياس العماري ضد الزفزافي ووصفته بـ”شاب رأس الدرب الجامع لما يجمع من المفاهيم والأوهام والحقائق وأنصافها وأضدادها!”، وأضافت: “كيف لـ”غلام” (عفوا) بهذه الخفة والنزق أن يقود نضالا جماهريا بهذا الزخم وهذه المشروعية؟!”.

تجدر الإشارة إلى أن عددا من المنابر الإعلامية سعت بدورها إلى شيطنة وتخوين المطالب الاجتماعية للمتظاهرين في الحسيمة، وصبت الزيت على النار، ولم تتصف بالعقل والحكمة في تدبير هذا الملف الخطير والحساس.

في الختام

هذا العام كان حافلا بحملات تحريض أخرى، خاصة خلال فترة الانتخابات التشريعية، لكن في هذه الورقة ارتأينا أن نركز أكثر خارج المجال السياسي، المشبع بالتقاطب وصراع المصالح، وحاولنا أن نلامس مجالات الإعلام والثقافة والفكر وغيرها، حتى نقف بوعي، وبعيدا عن كل المشوشات، على منسوب الحقد والكراهية في الخطاب العلماني، وكيف دبر في عدد من المحطات، المنتمون لهذه المرجعية الخلاف مع الآخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *