إشاعة روح التفاؤل

:”بشر هذه الأمة بالسناء و الدين و الرفعة و النصر و التمكين في الأرض..”
من العوامل الناجعة عند حلول الفتن وظهور المحن وفشو الإحن: إشاعة روح التفاؤل فإن ذلك مما يبعث الهمة، ويدعو إلى اطراح الخور والكسل، ويقود إلى الإقبال على الجد والعمل.
قال عليه الصلاة و السلام :” الإسلام يعلوا ولا يعلى” صحيح الجامع
فلنثق بالله – عز وجل – ونصره وتأييده، ولنحذر من كثرة التلاوم، وإلقاء التبعات على الآخرين، ولنحذر من القنوط واليأس، والتشاؤم؛ فالإسلام لا يرضى هذا المسلك بل يحذر منه أشد التحذير.
فقد حدث النبي عليه الصلاة و السلام عن ثلاثة أصناف من الناس لا خير فيهم:” ثلاثة لا تسأل عنهم …ورجل في شك من أمر الله والقنوط من رحمة الله ” صحيح الجامع
ولذلك فإن الأمة التي نخرها الشك ونهشها القنوط لا يرجى خيرها ما لم تستعد الثقة و اليقين بنصر رب العالمين ولا يضرنك ظهور أهل الباطل على أهل الحق فإن ظهورهم عارض امتحانا للمؤمنين وبعدها العاقبة للمتقين
قال الإمام ابن القيم رحمه الله :” فَمَنْ كَانَ قِيَامُهُ فِي بَاطِلٍ لَمْ يُنْصَرْ ، وَإِنْ نُصِرَ نَصْرًا عَارِضًا فَلَا عَاقِبَةَ لَهُ وَهُوَ مَذْمُومٌ مَخْذُولٌ” إعلام الموقعين2/275
ثم لنثق بأن في طي هذه المحن منحاً عظيمة.
كم نعمة لا تستقل بشكرها … لله في طي المكاره كامنة
فقد بشر رسول الله عليه الصلام و السلام ببشريات تذيب كل يأس وتدفع كل قنوط وتثبت كل صاحب محنة وتريح قلب كل فاقد للأمل حين لا يجد بصيص أمل له من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام :”بشر هذه الأمة بالسناء و الدين و الرفعة و النصر و التمكين في الأرض..” صحيح الجامع

ولو لم يأت من هذه الفتن والمحن إلا أن الأمة تصحو من رقدتها، وتعود إلى ربها ودينها.
ولو لم يأت من ذلك إلا أن هذا الجيل الجديد بدأ يعرف أعداءه، ويطرق سمعه مسائل الولاء والبراء، ويدرك ما يحاك حوله من مؤامرات، ويشعر بأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
ولو لم يأت من ذلك إلا أن المسلمين – صاروا يشعرون بروح الجسد الواحد، ويتعاطفون مع إخوانهم في كل مكان، ويحرصون على تتبع أخبارهم، وتقديم المستطاع لهم، كل ذلك مع ما يواجهونه من التضليل الإعلامي، وما يحارَبون به من سيل الشهوات العارم لكان كفى.
فكثيرا من أهل الإسلام على درجة من الوعي والإدراك، والسعي في مصالح إخوانهم، والمؤمل أكثر من ذلك، وإنما المقصود أن يُبَيَّن أن الخير موجود، وأنه يحتاج إلى مزيد.
وبالجملة فإن التفاؤل دأب المؤمن، وهو سبيل التأسي بالنبي- صلى الله عليه وسلم – خصوصاً في وقت اشتداد المحن؛ وليس أدل على ذلك مما كان في غزوة الأحزاب بالمدينة، وبلغت القلوب الحناجر، ومع ذلك كان -عليه الصلاة والسلام- يبشر أصحابه بمفاتيح الشام، وفارس، واليمن انظر مسند الإمام أحمد 4 / 203، وسنن النسائي الكبرى (8858).
وإذا تُحدث عن الفأل، والحث على نشره فإن ذلك لا يعني القعود، والخمود، والهمود؛ كحال من يؤملون الآمال العراض، ويفرطون في الأماني بحجة أن ذلك من الفأل، وهم كسالى قاعدون، لا يتقدمون خطوة، ولا ينهضون من كبوة.
لا ليس الأمر كذلك؛ بل إن الفأل المجدي هو ذلك الذي يحرك صاحبه، ويبعثه على الجد، ويشعره بالنجاح، ويقوده إلى إحسان الظن، وإلى العمل و العلم.
قال عليه الصلاة و السلام :” صلاح أول هذه الأمة بالزهد و اليقين ويهلك آخرها بالبخل والأمل” صحيح الجامع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *