الفقيه مولود السريري*: المذهب الحنبلي ليس إلا نسخة مصغرة من المذهب المالكي

كثيرا ما يتحدث الحداثيون والعلمانيون عن غزو مشرقي للتدين المغربي، فما هي أوجه الخلاف الكبرى المستنكرة بين المذهبين المالكي والحنبلي؟
في حقيقة الأمر من ناحية المآخذ الشرعية، وكذلك طرق التفقه، هذه المسألة مشتركة بين جميع المذاهب، هذا الأمر متقرر بين جميع المذاهب لا فرق بين المالكي وغيره، والمذهب الحنبلي في ذاته ليس إلا نسخة مصغرة من المذهب المالكي، لأن المذهب الحنبلي في أصله لم يكن مذهبا فقهيا بل كان مذهبا كلاميا، وبنيته الفقهية مستنسخة من المذهب المالكي كما هو معروف.
وقد نقل ابن تيمية وغيره من المتأخرين، صورة النظر المالكي في الأمور الفقهية، وبنوا عليها نظرهم في المجال الحنبلي، ومن ناحية الفقه فبينهما توحد في المآخذ، وكذلك في بنية الأحكام وفي طريقة بناء الأحكام، هذا هو الأصل في هذه المسألة.
أما كلمة غزو، بمعنى أن الحنابلة غزوا مذهب المالكية هذا كله مجرد كلام، ذلك أن الأصل في النظر الفقهي عند هؤلاء وأولئك هو الترجيح بين الأدلة، إذا كان في رأيهم الأمر مرجحا بأدلته فلا شك أن المذهب المالكي سيؤول أمره إلى الأخذ بذلك، وكذلك أيضا المسألة إذا كانت ضعيفة فلا بد من طرحها.
على كل حال فالمذهب الحنبلي ليس إلا تابعا للمذهب المالكي، ثم إن كلمة غزو إنما تكون مع الظلم والطغيان، مع وجود نزع حقوق وغصب وما شابه ذلك، هذا ليس موجودا في الفقه، الفقه ليس فيه غزوا، بل فيه نوع من نصرة رأي على رأي إما بطرق سياسية وإما بأمور أخرى، هذا لا يسمى غزوا وإنما نصر لقول فقهي على قول فقهي آخر، قد يكون بالأدلة والحجج وهذا مطلوب، وقد يكون بأمور أخرى سياسية، وهذا الذي عليه الاعتراض.
اسمح لي أن أقاطعك شيخ السريري، الذين يقولون هذا الكلام وهذه الاصطلاحات من غزو أو ما شابه، يقصدون انتشار التدين والالتزام على الطريقة المشرقية، فما تعليقكم؟
في الحقيقة إنه من الصعب جدا، إذا طبقت المذهب المالكي على ما هو عليه لن تجد فرقا كبيرا بين هذه الهيئات الآن وبين المذهب المالكي، هذا الحال الذي عليه هؤلاء هو نفسه المذهب المالكي أين هو الفرق؟ أين هي الفروق بين المذهب المالكي والحنبلي في هذه المظاهر التي انتشرت الآن؟ في الحجاب؟ في اللحية؟ كل هذا مذهب مالك.
وما الذي زاده هؤلاء على المذهب المالكي؟
فمن قرأ نصوص المالكية ودرس كيف تبنى فيه الأحكام ونظر إلى مآخذ الأحكام فيه وكذلك النظر إلى الجزئيات الآن التي قال بأنها استوردت من الشرق، يجد أنها في المذهب المالكي، منصوص عليها من الضروريات الفقهية المعروفة.
فأين هو هذا الذي يقال بأن التدين المغربي يخالف المذهب المالكي ويخالف هذه المظاهر التي نراها الآن؟
لا يخالفها نهائيا، فهذه هي الحقيقة، مثلا إذا نظرنا إلى قضية اللحية في المذهب المالكي، اللحية ممنوع حلقها، ستر المرأة معروف في المذهب المالكي، وأنهم جعلوا لذلك تفاصيل مذكورة، المرأة مع الأجنبي، المرأة المسلمة مع غير المسلمة، المرأة المسلمة مع المسلمة، وكل هذه الأشياء التي نراها الآن مطبقة هي من المذهب المالكي ولا يمكن أن ينازع في ذلك من درس هذا المذهب.
ــــــــــــــــــــــــ
* الفقيه مولود السريري: المشرف على مدرسة تنكرت العتيقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *