مثقفون وعلماء ومفكرون وإعلاميون مغاربة يصدرون بيانا يستنكرون فيه تمرير القانون الإطار 17-51 إبراهيم بَيدون

 

وقعت قرابة مائة شخصية من مثقفين وعلماء ومفكرين وإعلاميين مغاربة، بيانا يستنكرون فيه المصادقة على القانون الإطار 17-51 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، والذي تسعى بعض مواده إلى فرض فرنسة التعليم، واصفين طريقة تمريره بـ”المهزلة”.

واعتبر الموقعون أن تمرير هذا القانون الذي صادقت عليه لجنة التعليم والثقافة والاتصال بالبرلمان أول أمس الثلاثاء، يمثل “خرقا سافرا للمقتضيات الدستورية المتعلقة باللغتين الرسميتين والتي ناضل من أجلهما السياسيون الوطنيون ورسخهما دستور 2011”.

كما “يمثل هذا التصويت طعنا في ظهر الشخصيات والمؤسسات الوطنية التي اعتبرت -منذ فجر الاستقلال- لغة التدريس مسألة من صميم النضال الوطني.. ولغة التدريس مسألة من صميم النضال الوطني”، حسب ذات البيان.

ودعا الموقعون “كافة القوى والشخصيات الوطنية الحرة إلى اتخاذ مواقف قانونية وقيادة مواقف نضالية مقاومة لهذه الخطوة؛ وبعد أن فشلت الأحزاب السياسية في أداء واجبها الوطني التاريخي”.

وأيضا ثمن الموقعون “الموقف المشرف الذي اتخذته مؤسسات وشخصيات وطنية؛ ضد هذه الخطوة الهادفة إلى فرنسة التعليم؛ وفي مقدمة هؤلاء الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ومنتسبوه من العلماء والخبراء والمفكرين”.

وفي ختام بيانهم دعا الموقعون “عموم المواطنين المتمسكين بالهوية الوطنية، الأوفياء لنضالات الحركة الوطنية التي قاومت الفرنسة والاستلاب الثقافي؛ أن ينخرطوا في حملات مضادة لآثار هذه الخطوة؛ من قبيل: ترسيخ وجود اللغة العربية في الأسرة والمجتمع، وتأسيس الجمعيات الداعمة لتعريب التعليم والتي تقدم الدعم المجاني والتقوية لفائدة تلاميذ التعليم الأساسي على وجه الخصوص حتى نحافظ على هوية النشئ ونحد من تأثير هذا القانون المهزلة على المجتمع وانتمائه الحضاري”.

وهذا نص البيان كاملا، مرفوقا بأسماء الموقعين وصفاتهم:

“بيان لمثقفين وعلماء ومفكرين مغاربة حول مهزلة تمرير القانون الإطار

تابعنا بأسف شديد كيف تم السعي لفرض فرنسة التعليم خارج المنطق الدستوري والمؤسساتي، واستغربنا كيف تمت مباغتة المؤسسة البرلمانية وإجبارها على مناقشة القانون الإطار من غير ترتيب سابق بعد أن ثار الجدل حول لغة التدريس؛ فتم تأجيل النظر فيه وإعطاء فرصة لإعادة خلق توافق حوله بالعودة للمواد الأصلية للرؤية الاستراتيجية التي تنتصر للغة العربية بصفتها لغة التدريس.

لقد ناضل الوطنيون في بلدنا ضد اعتماد الفرنسية لغة من لغات التدريس، وشرح العلماء والخبراء والمفكرون كيف أن هذا أمر سلبي يضر بالهوية الوطنية ومستقبل البناء التنموي..

وأكدوا على ضرورة انفتاح سياسات التعليم على اللغات الأجنبية ودراستها دون اعتمادها لغة التعليم؛ كما فعلت الدول الحرة المستقلة في بناء نهضتها..

لقد تم القفز على ذلك كله؛ والتجاوز لكل الاعتبارات الدستورية المؤسساتية والعلمية والقانونية في سبيل وضع لغة المستعمر حيث لا ينبغي أن تكون، وتم التصويت في لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب؛ على مشروع القانون الإطار 51.17 الذي يعتمد لغة أجنبية لغةً للتدريس، مع الإصرار على تعميم التدريس بها في مختلف أسلاك التعليم.

وأمام هذه الخطوة العنادية المفروضة على مناهجنا التعليمية؛ نعلن نحن الموقعين أسفله عن رفضنا لها وتأكيدنا على ما يلي:

1- تُمثل هذه الخطوة خرقا سافرا للمقتضيات الدستورية المتعلقة باللغتين الرسميتين والتي ناضل من أجلهما السياسيون الوطنيون ورسخهما دستور 2011؛ الأمر الذي يعتبر معه تمرير القانون الإطار إجهاضا لدورهما الإصلاحي في ترسيخ الهوية الوطنية ومساسا سافرا بمكانة اللغتين الرسميتين للدولة وسيادتهما في مجال تكوين الأجيال.

2- تمثل هذه الخطوة قفزا على أحد أهم مطالب الحركة الوطنية التي ناضلت من أجل استقلال المغرب وكرامة وهوية الشعب المغربي؛ ويمثل هذا التصويت طعنا في ظهر الشخصيات والمؤسسات الوطنية التي اعتبرت -منذ فجر الاستقلال- لغة التدريس مسألة من صميم النضال الوطني؛

فمن بيانات رابطة علماء المغرب..، إلى مقالات ومحاضرات وتصريحات ومواقف العلماء والزعماء؛ من أمثال: عبد الله كنون وعلال الفاسي وعبد الكريم الخطيب ومحمد المكي الناصري والفقيه داود وعبد الله الجراري والمختار السوسي والرحالي الفاروق، إلى مرافعات الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، ومواقف وتصريحات عشرات من الشخصيات العلمية والسياسية الذين تطول اللائحة بذكر أسمائهم؛ والذين أكدوا رفضهم لاعتماد اللغة الفرنسية لغة للتدريس، وأن هذا يمثل مظهرا من مظاهر الاحتلال المرفوضة.

3- تمثل هذه الخطوة عاملا من عوامل استمرار فشل السياسات التعليمية ونحمل من أسهم فيها المسؤولية عن هذا الفشل وما سيكلف الوطن من تبعات سلبية.

4- ندعو كافة القوى والشخصيات الوطنية الحرة إلى اتخاذ مواقف قانونية وقيادة مواقف نضالية مقاومة لهذه الخطوة؛ وبعد أن فشلت الأحزاب السياسية في أداء واجبها الوطني التاريخي؛ فإننا واثقون بأن المجتمع المدني يزخر بمؤسسات وشخصيات قادرة على تدارك فشل المؤسسات السياسية وحمل راية الوفاء للذاكرة الوطنية.

5- نثمن عاليا الموقف المشرف الذي اتخذته مؤسسات وشخصيات وطنية؛ ضد هذه الخطوة الهادفة إلى فرنسة التعليم؛ وفي مقدمة هؤلاء

الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية ومنتسبوه من العلماء والخبراء والمفكرين.

6- ندعو عموم المواطنين المتمسكين بالهوية الوطنية، الأوفياء لنضالات الحركة الوطنية التي قاومت الفرنسة والاستلاب الثقافي؛ أن ينخرطوا في حملات مضادة لآثار هذه الخطوة؛ من قبيل: ترسيخ وجود اللغة العربية في الأسرة والمجتمع، وتأسيس الجمعيات الداعمة لتعريب التعليم والتي تقدم الدعم المجاني والتقوية لفائدة تلاميذ التعليم الأساسي على وجه الخصوص حتى نحافظ على هوية النشئ ونحد من تأثير هذا القانون المهزلة على المجتمع وانتمائه الحضاري.

7- إن اللغة العربية هي لغة القرآن، وهذا كفيل ببقائها حيّة مؤهلة لحمل المشروع النهضوي للمجتمعات العربية والمحافظة على الهوية الإسلامية للأمة وإفشال جميع المخططات التي تستهدف دينها وقيمها؛ فلغات الحضارات كاللغة اللاتينية تلاشت بتلاشي الدول التي رعتها .. لكن اللغة العربية بقيت وستبقى صامدة لأنها لغة القرآن الذي يحمل رسالة الخالق إلى الإنسان.

وفي الختام نؤكد؛ بأن دفاعنا عن اللغة العربية يتأسس على اعتبارها لغة المغاربة الرسمية إلى جانب الأمازيغية والحسانية التي صار ت دسترتها حبرا على ورق؛ مما يعتبر غزوا فرنسيا جديدا يجب مقاومته بمختلف الأساليب المشروعة؛ دفاعا عن اقتصادنا ومصالحنا الاجتماعية والسياسية؛ لأن اللغة صناعة وتجارة وتقنية واستقلال وتنمية لا محيد عنها لتحقيق كرامة أصحابها.

مع العلم أننا لسنا ضد تعلم اللغات العالمية كيفما كانت؛ بصفتها لغات تواصل معرفي وليس كسلاسل استعباد.

الخميس 15 ذو القعدة 1440هـ الموافق لـ 18 يوليوز 2019

الرباط

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *