إبتزاز الدول العربية بقضايا الداخل للتخلي عن فلسطين عبد الصمد إيشن

 

 

 

واهم من يظن أن فلسطين، وفق العقيدة الكاذبة، هي أرض الميعاد التي ستجمع شتات اليهود تحت قيادة المسيح، الذي لن ينزل إلا وفق هذه الشروط، لنشهد نهاية التاريخ، بعد معركة الهرمجدون الكبيرة. إن تعيين فلسطين أرضا لليهود، وفقا لمؤتمري بال وبالتيمور الذين انعقدا بحضور مندوبين يهود وشخصيات صهيونية على أعلى المستويات، وإنشاء دولة إسرائيل الكبرى بمنطقة الشرق الأوسط والشام، أمر جيو-استراتيجي معقّد، يستهدف الجميع عربا وعجما، قبل أن يستهدف الدولة والشعب الفلسطينيين.

إن إستراتيجية الصهيونية هي وضع كيان إسرائيل، داخل الجسم العربي، ضدا على محاولة توحيده أفقا لتوحيد العالم الإسلامي. إذن إسرائيل وضعت لتكبح كل محاولة وقوف أو نهضة من بلد عربي-إسلامي بالمنطقة. لهذا من يظن أن خطر إسرائيل، مقتصر على وطن وشعب فلسطيني، لا يعرف بتاتا حقيقة إسرائيل.

الخطر الإسرائيلي يتجاوز بشهادات التاريخ والسياسة والإقتصاد، القضية الفلسطينية، إلى قضايانا نحن العرب والمسلمين، بل والعالم بأسره. بكل وضوح كيف سيكون مصيرنا مع كيان غاصب، سقط بين عشية وضحاها من الطائرة، ونفذ مجازر ومحارق في حق شعب يملك أرضه. هذا الكيان العدواني من سيوقفه لكي لا يقوم بمثل ذلك في قطر آخر، غير فلسطين. وإن لم يفعل بشكل مباشر فإنه يفعل بشهادة كبار ضباط الموساد، وضباط الحرب الإسرائيليين.

بعد أن أظهرنا، أن خطر إسرائيل لا يقتصر بتاتا على فلسطين، بل كل المنطقة وكل العالم. لابد أن نوضح الطريقة التي تشتغل بها إسرائيل وحلفاؤها في الغرب، لكبح إرادة الشعوب والدول العربية في وضع حل عادل للقضية الفلسطينية. أدركت إسرائيل أن الدول العربية التي يمكن أن تناضل من أجل تحرير فلسطين، هي دول لابد أن نلهيها في قضايا حساسة تستهدف مستقبلها هي بذاتها. وتتخلى لحظيا عن فلسطين ومن تم التمهيد للتخلي النهائي عنها. إذ سينتبه أي متابع، أن لكل دولة عربية، مشكلها القائم بذاته، يعرقل لها كل موقف أو تحرك في إتجاه تحرير فلسطين أو دعم القضية الفلسطينية. للمغرب قضيته العالقة (قضية الصحراء)، ولمصر مشكل قلبها النابض (نهر النيل، لي ذراعها بسد النهضة في أثيوبيا).ولكن سأقتصر في التحليل على الحالة المغربية.

المغرب، هذا البلد الذي تشهد حارة وباب المغاربة على عراقته في الدفاع عن الأراضي المقدسة بفلسطين، هو البلد الذي يراد له أن يكون مطأطأ الرأس، دون موقف في قضية تحرير القدس وفلسطين. بل ومحاولات لي ذراعه ليطوي صفحة الماضي المجيد، من الوقوف الدائم مع الشعب الفلسطيني في كل المراحل التاريخية للقضية الفلسطينية. بل سمعنا من أراد تطبيع المغرب مع إسرائيل مقابل لحل مشكل الصحراء، هذا الطرح المُغفَّل، الذي سَيَرُدُّ عليه كل مغربي، بالقول: “أن نضالنا كمغاربة هو من سينهي مشكل وحدتنا الترابية، كما سينهي الشعب الفلسطيني بنضالاته الإحتلال الإسرائيلي الغاصب”.

والحقيقة، أن المغرب لا يبتز مقابل التخلي عن مواقفه المبدئية ملكا وشعبا تجاه القضية الفلسطينية، بقضية الصحراء وحدها، بل إن سياسة لي الذراع تجاوزت هذه الحدود إلى العبث بأطراف في الداخل المغربي، واستعمالهم للفتنة والتشويش على مستقبلنا كشعب أبي (المكون المتأمزع الحليف للصهاينة)، عبر رفعهم لمطالب تعاكس اتفاقات وعهود الأجداد.

أما قضايا الحصار الإقتصادي المتكررة، في الفلاحة والصناعة والتصدير، هي حروب ومعارك يومية لا تتوقف.فالمهم بالنسبة لهم، أن المغرب إذا طأطأ رأسه في الموقف من القضية الفلسطينية. أكيد أنه سيتخاذل في كل القضايا، إلى أن يوقع عقد حماية جديد لا قدر الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *