أبو هريرة رضي الله عنه
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي اليمامي من دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران.
أسلم رضي الله عنه بين الحديبية وخيبر، وقدم المدينة مهاجرًا، وأسلم والنبيُّ صلى الله عليه وسلم بخيبر، وكان إسلامه على يد الصحابي الجليل الطفيل بن عمرو الدوسي.
وكان للنبيِّ صلى الله عليه وسلم الأثر الأكبر في تنشئة وتربية أبي هريرة؛ فمنذ أن قَدِم إلى النبيِّ لم يُفارقه قط، فقد كان من أحفظ أصحابه صلى الله عليه وسلم وألزمه له على شبع بطنه، وكانت يده مع يده يدور معه حيث ما دار، وفي سنواتٍ قليلةٍ حصَّل من العلم عن الرسول ما لم يُحصِّله أحدٌ من الصحابة، وكان النبيُّ يُوجِّهه كثيرًا، فعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ كُنْ وَرِعًا، تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَكُنْ قَنِعًا، تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحْسِنْ جِوَارَ مَنْ جَاوَرَكَ، تَكُنْ مُسْلِمًا، وَأَقِلَّ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ”.
وكان رضي الله عنه من أكثر الصحابة حفظًا للحديث، حيث قال رضي الله عنه: “مَا كَانَ أَحَدٌ أَحْفَظَ لِحَدِيثِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي إلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَإِنِّي كُنْتُ أَعِي بِقَلْبِي وَكَانَ يَعِي بِقَلْبِهِ، وَيَكْتُبُ بِيَدِهِ؛ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ “فَأَذِنَ لَهُ”.
وقد ذكر الشافعي رحمه الله أنَّ أبا هريرة أحفظ من روى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ حيث روى عنه نحو ثمانمائة رجلٍ أو أكثر من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهو من أكثر الصحابة روايةً للحديث؛ فقد روى 5874 حديثًا.
وكان رضي الله عنه من عبَّاد الصحابة؛ حيث كان يُكثر من الصلاة والصيام والذكر وقيام الليل، فقد قال عن نفسه: “إِنِّي لَأُجَزِّئُ اللَّيْلَ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ: فَثُلُثٌ أَنَامُ، وَثُلُثٌ أَقُومُ، وَثُلُثٌ أَتَذَكَّرُ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ”.
وكان رضي الله عنه من أشدِّ الناس ورعًا؛ فعن أبي المتوكل أنَّ أبا هريرة كانت له زنجيَّةٌ فرفع عليها السوط يومًا، فقال: “لولا القصاص لأغشيتك به، ولكنِّي سأبيعك ممَّن يوفيني ثمنك، اذهبي فأنتِ لله”.
وقد تُوفِّي أبو هريرة رضي الله عنه سنة سبع وخمسين من الهجرة وهو الأرجح.
الإمام البخاري رحمه الله
الإمام البخاري هو محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، يُكنى بأبي عبد الله، ولد في منطقة بخارى سنة 194 للهجرة، وقد تميز بشدة حفظه وقوة ذاكرته حيث حفظ الأحاديث النبوية مُنذ صغره، كما التقى بأكثر من 1000 شيخ خلال رحلاته العلمية.
من شيوخه رحمه الله: الإمام أحمد بن حنبل، وحمّاد بن شاكر، ومكي بن إبراهيم، وأبو عاصم النبيل، وغيرهم كثير، تتلمذ عليهم حتى صار أمير المؤمنين في الحديث، وشَهِدَ له جموع العلماء بالعلم والحفظ والإتقان والعبادة.
ومن أشهر تلاميذه: الإمام مسلم صاحب كتاب صحيح مسلم، والنسائي، والترمذي، ومحمد بن نصر المروزي وغيرهم الكثير من علماء الحديث.
قال عنه ابن خزيمة رحمه الله: “لم أر تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحفظ من البخاري”، وقال عنه الترمذي رحمه الله: “لم أر في العراق ولا في خراسان في معرفة العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من البخاري”، وقال له الإمام مسلم رحمه الله: “دَعْني أُقبِّلْ رجلَيك يا أستاذ الأستاذين، وسيِّد المحدِّثين، وطبيب الحديث في عِلَلِهِ”، وقال عنه عبد الله بن سعيد بن جعفر رحمه الله: “سمعتُ العلماء بالبصرة يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح”، توفي الإمام البخاري -رحمه الله- سنة 256 للهجرة وكانت آنذاك ليلة عيد الفطر.
ألف الإمام البخاري الكثير من المصنفات وكان على رأسها صحيح البخاري، الذي جعل الإمام البخاري فيه 7563 حديثًا صحيحًا من أحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وبَقِىَ 22 عام وهو يجمع الأحاديث النبوية ويتأكد من صحتها حتى جمع هذا العدد من الأحاديث، وهو أول من صنف في الأحاديث الصحيحة، وجعل الإمام البخاري يُصنف الأحاديث في الكتب والأبواب حسب الموضوع الذي يتحدث عنه الحديث، واشترط الإمام البخاري تمام العدالة والضبط في الرواة، فعُدّ العلماء بذلك صحيح البخاري كأصح الكتب بعد القرآن الكريم.
ومن أهم مؤلفاته كذلك: الجامع الصحيح، والجامع الصغير، والجامع الكبير، والأدب المفرد، وأسامي الصحابة، والأشربة.
كما صنف في كتب التاريخ: الكبير والأوسط والصغير، وخلق أفعال العباد، ورفع اليدين في الصلاة، والضعفاء الصغير، والعلل، والفوائد، والقراءة خلف الإمام، وقضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم، والكُنَى، والمبسوط، والمسند الكبير، والتفسير الكبير، رحمه الله.