مازلت أتذكر بدايات انتشار خطاب “القرآنيين” بالعالم العربي وهم يبشرون المسلمين بكون المرجعية الأسمى للشريعة الإسلامية هو القرآن الكريم وحده دون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومنذ تلك اللحظات وأنا أبحث عن خلفيات هذه “الدعوة” التي وإن تسترت بنقاشات علمية “شرعية” إلا أن لها مبتغا سياسيا “خطير ومدمر”.
فالطعن في السنة هو طعن في أساس الحضارة الإسلامية التي أنقذت البلاد والعباد في غالب أصقاع الدنيا. إذ بها عرفنا نبينا وقدوتنا محمدا صلى الله عليه وسلم وعرفنا بها كيف وجّه قومه للصراط المستقيم.
لقد اكتشفنا من خلال هذه السنة، جوانب لا تحصى من سيرة النبي العدنان صلى الله عليه وسلم، وهو ينظم شؤون دولته ومجتمعه في كل المواقف والحالات.
إن المقصود بالطعن في السنة هو “النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم” في رمزيته وفي خصاله وشمائله، وإذا كان الرد علينا بالاعتراض من قبل من يقلل من شأن السنة النبوية، فرجاء منهم أن يدلونا على مصدر آخر سنعرف به نبينا في سلوكه وشخصيته لنتبعه صلى الله عليه وسلم. فكيف لنا أن نعرفه ونقتدي به والمعين الصافي لهذه الصفات والخصال يطعن فيه ليل نهار.
بماذا سننظم أحوال المسلمين وأفعالهم ونظهر لهم الحلال من الحرام والمندوب من الواجب دون الرجوع إلى السنة النبوية الكريمة.
فكيف للشريعة الإسلامية أن تكتمل دون مصادر التشريع كاملة، وهي التي تثمل فيها السنة النبوية أبرز عمود، منها نعرف أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، لنستدل بها على الأحكام الشرعية.
لقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم أمة كاملة من الضلال إلى النور، أخرجها بخصاله وسلوكاته وتوجيهاته وأفعاله، بصمته وكلامه. علم أمته النظافة بعد الإهمال علمها الاستقامة بعد الفوضى والصلاح بعد الفساد.
هل استنفذنا أغراضنا من كل هذه الغايات والمقاصد؟ هل استقمنا في سلوكنا وصلحت أحوالنا واستقامت أفعالنا لنستغني عن كل هذه السنة وهذا المعين الصافي؟ إن جواب كل عاقل هو “لا ثم لا”. إذن من سيسيرنا في سبيلنا نحو الفلاح غير سلوكات وأخلاق ورمزية المصطفى صلى الله عليه وسلم المكتملة في سنته والمحفوظة فيها.
فالمقصود من كل هذا الطعن هو مستقبلنا جميعا أيها المسلمون، سيفرح الأعداء إذا اكتشفونا شعبا مغربيا غاب عنه نور الهدي النبوي، واستوى عنده الظلام بالنور، الفساد بالصلاح. سيفلحون لأنهم طعنوا في سنة نبينا العدنان صلى الله عليه وسلم، ولم ننتبه حتى استفقنا من غفلتنا ووجدنا تشريعا كاملا وميثاقا من الخصال والتوجيهات التي نسير بها أفراد مجتمعنا ونسير بها سلوكنا قد اختفت لأننا تغافلنا ولم نفهم مغزى “الطعن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
باختصار، مازلت أؤكد أن الطعن في السنة النبوية الكريمة، هو طعن في قدسية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وفي أخلاقه ورمزيته ونبوته وتوجيهاته. إنه طعن في مصير نظامنا ووحدتنا كمغاربة ومسلمين جميعا.