الأبعاد الحقيقية لأزمة غالي بين البلدين (أ.س)

لم تكن أزمة غالي، لتمر مرور الكرام، دون أن تشعل هذا الزخم الدبلوماسي الذي قام به المغرب، لكن كل هذا الضغط المغربي المقصود منه هو حل أصل المشكل، والذي لن ينتهي بوجود أو مغادرة بن بطوش التراب الإسباني، ولا الطريقة التي تم تهريبه بها بأوراق مزورة وبهوية مزيف.

فأصل المشكل التي يبحث له المغرب عن حل نهائي مرتبط بمواقف إسبانيا من القضية الوجودية للمغرب، قضية الصحراء المغربية.

فجاءت قضية مجرم الحرب غالي، لتكون الشجرة التي تخفي غابة المواقف الإسبانية المناوئة، والاستراتيجيات العدائية لقضية الصحراء المغربية، وتكشف تواطؤ الجار الشمالي مع خصوم المملكة للنيل من وحدتها الترابية.

وهذا الأمر هو ما أكدته وزارة الخارجية المغربية حيث شددت على أن “جذور المشكلة في الواقع تتمثل في الثقة التي انهارت بين الشريكين”، مضيفة أن “الأصول الحقيقة للأزمة تعود إلى الدوافع والمواقف العدائية لإسبانيا فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، وهي قضية مقدسة عند المغاربة قاطبة، كما أشارت إلى أنه “لم تبدأ الأزمة مع تهريب المتهم إلى الأراضي الإسبانية ولن تنتهي برحيله عنها؛ الأمر يتعلق بثقة واحترام متبادل جرى العبث بهما وتحطيمهما، إنه اختبار لمصداقية الشراكة بين المغرب وإسبانيا”.

فالمغرب كان واضحا، وطالب إسبانيا بموقف واضح من القضية، وبالخصوص مع وجود أطراف داخل الحكومة الإسبانية، تعتبر المغرب عدوا لها، وتتجه نحو التأثير على القرار داخل الاتحاد الأوروبي.

فطالما أن إسبانيا لم تخرج بإجابات مقنعة عن الأسئلة التي طرحها المغرب، والمتعلقة بموقف واضح من قضية الوحدة الترابية للمملكة، فلن تجد الأزمة طريقها نحو الحل، وسيطول التوتر، وعملية تكسير العظام دبلوماسيا بين الدولتين.

وهذه هي التساؤلات التي يطالب المغرب إسبانيا بالإجابة عنها، والتي وردت في بلاغ وزارة الخارجية المغربية “كيف يمكن للمغرب في هذا السياق أن يثق في إسبانيا مرة أخرى؟ كيف يمكن أن نضمن أن إسبانيا لن تتآمر مرة أخرى مع أعداء المملكة؟ هل يمكن للمغرب حقا أن يثق بأن إسبانيا لن تتصرف من وراء ظهره؟ كيف يمكن استعادة الثقة بعد هذا الخطأ الجسيم؟ ما هي ضمانات الموثوقية التي يتوفر عليها المغرب إلى الآن؟ في الواقع، يتعلق الأمر بطرح السؤال الأساسي: ما الذي تريده إسبانيا فعلا؟

فالمغرب يريد علاقات متوازنة، علاقة الند للند، قاطعا مع مرحلة الماضي، والغطرسة الإسبانية التي تحكم مخيال حكومة مدريد.

وبالفعل شرع المغرب في الاشتغال وفق هذه المنهجية، يؤكد ذلك الوضع المتميز الذي أصبح يحظى به من الاتحاد الأوروبي، حيث أن هناك إرادة مشتركة للمضي قدما في هذه العلاقات الاستراتيجية.

هذا وقد أحرج رد الفعل المغربي الحكومة المركزية الإسبانية وعرضها للمحاسبة، بعد الخسائر الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد وفقدان الكثير من مناصب الشغل المخصصة في إطار عملية العبور “مرحبا”، وفي ظل الركود الاقتصادي من المتوقع اندلاع مظاهرات في سبتة ومليلية المحتلتين للضغط على مدريد، الأمر الذي سيحرج إسبانيا ويدفعها مكرهة للعودة لطاولة الحوار، وهو ما ظهر جليا في الخرجات الأخيرة لوزراء حكومة سانشيز، وستكشف الأيام القادمة مستقبل العلاقة المغربية الإسبانية وما ستؤول إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *