ضيف الشهر يوليوز 2021

أحمد نور الدين*: أوروبا في الوقت الراهن أشد حاجة إلى المغرب من حاجة المغرب إليها

حاوره: عبد الصمد إيشن

هناك من يقول أن التصعيد المغربي مع إسبانيا هو مجازفة بالمصالح الاقتصادية المغربية في السوق الإسبانية والأوروبية، ما هي حقيقة هذا التحليل؟

بالنسبة لي كمتابع، لا توجد هناك مجازفة من طرف المغرب في اتخاذ المواقف الصارمة تجاه كل من يمس المصالح الاستراتيجية للمغرب وقضاياه الوطنية. أقول أن المغرب يعبر عن مواقفه من مصالحه الكبيرة وقضية الصحراء يصفها بالقضية المقدسة. ولكن هناك شرط في هذه المواقف الحاسمة، وهي أن تكون مبنية على استراتيجية واضحة ورؤية بعيدة المدى وأن لا تكون ردود فعل عن مجازفة قامت بها دولة معينة.

حينما تكون لديك استراتيجية عن ماذا تريد وما هي اهدافك التي تريد الوصول اليها، فعلى العكس مواقفك مهما كانت صلبة مستحبة ومقبولة في السياسة الخارجية. والعلاقات بين الدول فيها الصرامة في بعض الاحيان وفيها شد وجذب، وتقترب ايضا من القطيعة مرارا.

المغرب في موقع قوة رغم ضعف الاقتصاد المغربي، وأن دخلنا القومي يمثل عشر الدخل القومي الاسباني، إلا أن اسبانيا وأوروبا في موقع ضعف لا يسمح لهم بالضغط على المغرب. لأن الموقع الجيوسياسي لاسبانيا داخل الاتحاد الأوروبي، فبريطانيا انسحبت منه وهو ما يفسح مجالا للمناورة أمام المغرب وبامكانه أن يغير الشريك، وبجرة قلم سيغير اسبانيا ببريطانيا، خاصة أن لديها موقع قدم في جبل طارق.

اليوم العلاقات الأوروبية الروسية في أسوأ حالاتها، سياسيا واقتصاديا وهناك اتهامات وعقوبات متبادلة بين الطرفين. أيضا العلاقات مع أوكرانيا متوترة كما العلاقات مع تركيا. أي أن أوروبا من الشرق إلى الغرب ودول الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط محاصرة، وهذا كله في صالح المغرب.

أوروبا في الوقت الراهن من الناحية الجيوسياسية هي أشد حاجة إلى المغرب من حاجة المغرب إليها.

 

كيف تستشرفون مستقبل العلاقة بين المغرب وإسبانيا في ظل هذه الأزمة القائمة؟

للمغرب وإسبانيا علاقات وتاريخ مشترك، ومازالت هناك عائلات مغربية بالرباط وسلا وتطوان لها امتداد في إسبانيا. أيضا القاموس اللغوي الإسباني يحتوي على 5 آلاف كلمة عربية. في العلاقات المغربية الاسبانية رغم كل هذا الضجيج، للمغرب وإسبانيا وقعت معاهدة حسن الجوار الموقعة سنة 1991، والمادة الخامسة من المعاهدة تؤكد أنه في حالة نزاع يحل المشكل بحوار ثنائي وآلية سلمية تحفظ مصالح البلدين.

ومن دبج المعاهدة يعرف جيدا أن هناك ألغام بين البلدين يمكن أن تنفجر في أي وقت، خاصة ملق مغربية الصحراء، وسبتة ومليلية المحتلتين.

وفي اعتقادي لما يكون بجوارنا جار متعقل، أي اسبانيا، فستحل الأزمة دون شك. خاصة ان المعاهدة التاريخية بيننا يمكن أن نرجع إليها لحل كل النقط بين البلدين.

لا يجب أن نتراجع في حوارنا مع الإسبان عن أي قضية مغربية، خاصة توضيح الموقف الإسباني مع قضية مغربية الصحراء، والموقف من مغربية المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، وأن وضع المدينتين والجزر أيضا يجب أن يناقش، والملف الأمني وترسيم الحدود، كلها قضايا يجب أن تطرح بقوة.

ــــــــــــــــــــــــــــ

*محلل سياسي وباحث متخصص في قضية الصحراء المغربية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *