نموذج وزارة الأوقاف التي ينشدها المغاربة

 

إذا كانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قد صرفت ملايين الدراهم وأحدثت هيئات مراقبة من أجل فرض آراء في المذهب لا تعدو أن تكون مستحبة؛ هذا إن لم تكن مرجوحة؛ فحري بها أن تصرف تلك الأموال وتوجه تلك الطاقات فيما يعود بالنفع على عموم المغاربة المسلمين.

ذلك أن المومنين والمومنات لا يلتفتون لا إلى السدل؛ ولا إلى التسليمة الواحدة في الصلاة؛ فمثل هذه الأمور باتت، بحكم انتشار العلم والتقنية واتساع دائرة التواصل، متجاوزة؛ ويكفي للتدليل على ذلك إحصاء عدد المصلين الذين يقبضون في الصلاة مقابل الذين يسدلون؛ والذين يقرؤون القرآن في بيوتهم وخلواتهم مقابل الذين يتحلقون في المسجد بعد صلاة الصبح والمغرب لقراءة الحزب جماعة؛ وعدد المصلين الذين يسلمون تسليمتين في الصلاة مقابل الذين يسلمون تسليمة واحة. فالمعارك التي تخوضها الوزارة معارك وهمية؛ قمين بها أن تتعامل مع من يخالفها في مثل هاته الأمور التي تتسع فيها دائرة الخلاف بالتسامح والانفتاح نفسه الذي تحرص الوزارة على أن تتعامل به مع من يخالفها في العقيدة والانتماء.

فعلى الساهرين على إعادة هيكلة الحقل الديني إن كانوا فعلا جادين في خدمة هذا الصرح بما يعود بالنفع على البلاد والعباد أن يعالجوا الإشكالات الكبرى التي تواجه المغربي المسلم؛ وأن يجيبوا بما يوافق الكتاب والسنة والمذهب عن تساؤلاته وفتاواه؛ وأن يذبوا عن الأصول الحقيقية للمذهب المالكي؛ وأن يحاربوا الشرك المستشري في الأضرحة والمواسم؛ والسحرة والمشعوذين؛ ويبينوا حكم الله في التعامل بالربا والميسر والقمار؛ ويجلوا للمرأة المغربية المسلمة حكم الحجاب في الإسلام ومكانته؛ ومغبة التبرج والعري والسفور.

ويسجلوا مواقفهم تجاه المستجدات التي تطرأ على أرض الواقع وتمس مباشرة ضمير المؤمنين والمؤمنات؛ كارتفاع ظاهرة الدعارة والاغتصاب والأمهات من رنا وأبناء الزنا؛ ويقدموا مشاريع بناءة لمحاربة التشيع والتنصير والإلحاد وكل الأفكار والعقائد الباطلة؛ ويعيدوا للعلماء هيبتهم والمكانة اللائقة بهم في المجتمع؛ ولا يغضوا الطرف عن عوار وضلالات بعض ينتسبون للفكر والمعرفة ممن يطعنون علانية في كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأسلاف أمتنا؛ ويكونوا اللسان الناطق باسم الشعب في الدفاع عن الثوابت الحقيقية للدين، فبذلك وذلك فقط تستعيد المؤسسة الدينية المصداقية من أبناء الشعب المغربي ويُقبل الواحد منا على هاته المؤسسة وهو منشرح الصدر مطمئن البال.

أما فصل الديني عن السياسي ووضع برزخ بينهما، ومنع العلماء وإرهابهم من الخوض في الشأن العام، وجعل الدين مقصورا على بعض الشعائر دون أخرى وحصره بين جدران المساجد، فهذا لن يخدم بالمرة تدين المغاربة، وربما تكون سلبياته أكبر وأخطر..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *