من الكتب التي صدرت في السنوات الأخيرة، قبل سنتين تقريبا، نقدم لقراء “السبيل” كتاب “السياسة والدين في المغرب: جدلية السلطان والفرقان” لمؤلفه د. حسن أوريد؛ يناقش هذا الكتاب تطور هذه الجدلية، حيث التأثير والتأثر بين الدين والسياسة، بين الفرقان والسلطان، في المغرب المعاصر، مغرب ما بعد الاستقلال.
جاء الكتاب في أربعة فصول، هي كالآتي:
– أصولية الدولة.
– أسلمة الحداثة.
– العدالة والتنمية والمنزلة بين المنزلتين.
– تحديث الإسلام.
– السلفية والهاجس الأمني.
– حرية المعتقد واختبار الدولة المدنية.
– الانتقال الديمقراطي المجهض.
تتقاطع في الكتاب عدة مقاربات، ويستحضر مؤلفه عددا من المعطيات يتناولها بنوع من التحليل، بخصوص الشأن الديني المغربي والإسلام السياسي والسلفية وما تعلق بها من مواضيع.
مكتبتك في تاريخ المغرب
نقف، في هذا العدد من جريدة “السبيل”، وقفة تعريفية لكتاب يمكن إدخاله في حقل “التاريخ الدستوري للمغرب”؛ هو كتاب “النظام السياسي الدستوري المغربي” لمؤلفه د. محمد معتصم، من أهم الكتاب في التأريخ للدستورانية المغربية، إن لم يكن أهمّها وأجدرها بالاطلاع والقراءة المتأنية.
يتناول هذا الكتاب الدستورانية المغربية في مجالها الخاص، أي باستحضار الخصوصية الثقافية والاجتماعية والسياسية المغربية، غير متأثر بالمنحى الغربي في فهم الحياة الدستورية بالمغرب والحكم عليها.
يناقش د. معتصم، في كتابه، أهم الخصائص التي ميزت الدستورانية المغربية، في تطورها التاريخي لا في متنها الساكن طولا وعرضا. وأجمل المؤلف مضامين كتابه في أربعة فصول:
– في وجود وطبيعة القانون الدستوري المغربي.
– التطور التاريخية للملكية التقليدية المغربية.
– دسترة الملكية المغربية.
– حصيلة وآفاق النظام السياسي-الدستوري المغربي.
اتخذ د. محمد معتصم لنفسه منهجا خاصا، بسببه وصفه بعضهم بالمحافظة، والحقيقة أنه يعرفنا على “ما هو كائن” كامنا وظاهرا في حياتنا الدستورية، قبل أن يتعلق بمأمول هو “ما ينبغي أن يكون”. يتناول حياتنا الدستورية بمنطق المؤرخ والسوسيولوج، لا بمنطق المؤدلَج دستورانيا. ما أكثر الصنف الثاني، أمثال محمد الساسي وعبد العالي حامي الدين ورقية المصدق وحسن طارق؛ وما أندر الصنف الأول، أمثل محمد معتصم وعبد الله العروي.
فنون
النقاش الغائب عن النقاد السينمائيين!
(متابعة)
– سينما الأسرة:
تحافظ على الأسرة من التفكك، وعلى النسل والعرض من الإفساد. وذلك، باستصحاب القيم الأسرية المغربية التي أخذت تتأثر بتصدير الأزمات السلوكية والأخلاقية الغربية.
السينما المطلوبة سينما تخفف من الغريزية لا تفاقم أوارها، تتسامى على الغابوية لا تسقط في براثنها، تقف سدا منيعا أمام امتلاك الحيوانية للإنسان. السينما المطلوبة سينما مدنية، تكرس ضبط العلاقات الجنسية بمعايير القانون والدين والأخلاق، لا تطبع مع الزنا والشذوذ والانحرافات.
– سينما التاريخ:
سينما تحفظ الذاكرة المغربية، وتستعيد الماضي على سبيل الاستثمار في الحاضر. تبحث عن المفيد في التاريخ (لا على الضار) فتظهره، وتنقب عن الرئيسي فيه (لا على الهامشي) فتكشفه.
فعوض إنتاج فيلم حول استعادة تاريخ “البرغواطيين” سينمائيا، تتم استعادة تاريخ “الأدارسة”.. مثلا.
– سينما الدولة:
وهذه سينما تقرب الدولة من وعي المواطن، فوعيه بها وقاية له من التوجهات “العدمية” المستخفة بالدولة وأجهزتها. يجب أن يحس المواطن بقرب أجهزة الأمن منه وبحاجته إليها، كما يجب أن يقدر أدوار الجيش على الحدود بتصويرها بطوليا. المطلوب عموما هو تناول “مفهوم السلطة” سينيمائيا، تناولا يعزز فكرة “السلطة ضرورة بفقدها يحل الخراب وتنتشر الفتن”.
(انتهى)
نافذة على مشروع فكري
مشروع العلامة عبد الله دراز (15)
ثالثا: ميزان السنة والبدعة في فكر العلامة دراز
“ميزان” العلامة دراز لشرطنا:
إلى أي حد يمكن لمعيار العلامة دراز، فيما يخص تصوره لثنائية السنة/ البدعة، أن يخدمنا في شرطنا التاريخي الراهن؟ إلى أي حدّ يمكننا استدعاؤه لصالحنا لا لصالح أعدائنا المستعمِرين وأياديهم في دول الجنوب عامة، وفي الوطن العربي خاصة؟
بإمكاننا الاستفادة من “ميزان” العلامة دراز، على جبهات:
– جبهة الاستثمار الإيديولوجي: فتحت كل تعريف “وجود واجتماعي”، وهذا لا يدعو بالضرورة إلى إيقاف العمل بهذا التعريف، بمجرد انتهاء “وجوده الاجتماعي” الأول. فقد نستدعي المعيار الأول (معيار “الوجود الاجتماعي” الأول) أو منه، لشرطنا بقدر ما نحن في حاجة إليه، بغرض “الضبط والتنظيم وحماية الذات من الاختراق… إلى غير ذلك”. وقد نخدم تحت هذا المعيار من المصالح العامة، ما لا يريد النقيض منا تحقيقه أو يريد عرقلته تحت نفس المعيار. هذا هو المقصود بالاستثمار الإيديولوجي لمعيار السنة/البدعة، وهذا ما يغفله “الحداثويون” الجاهلون بالأدوار التاريخية “للإيديولوجيات الدينية”.
– جبهة المعيار المنظم للفكر والعمل: وذلك في سياق تفكيك رأسمالي إمبريالي للمعايير، وفي سياق سلب الخصوصيات الأصيلة وتعويضها بأفكار دخيلة عولمية ومميتة. إن معيارا يحتاج المراجعة، لهو خير من “لا معيار”. ومن باب أولى أن نحافظ على معيارٍ بنَانَا لسنين، وحصّننا أمام العدوّ الاستعماري إلى الحدّ الذي لا نفقد معه ذاتنا. من باب أولى، أن نحافظ عليه في معيار عامّ يستوعبه ويستثمره لصالح الوطن وحدوده الكبرى.
– جبهة اللغة الشفهية والكتابية: فالرجوع إلى العربية الفصحى بهدف الاستنباط السديد للأحكام، مما هو مطلوب في سياق الاستهداف الفرنكفوني للغة العربية، شفهية وكتابية. وفي ذلك، تأمين للدولة بالحفاظ على لغة التواصل بين جميع أفراد الشعب، وبالحفاظ على لغتها الكتابية، لغة الإدارات والمؤسسات والتشريع، ولغة الشريعة التي تستمد منها أسمى المؤسسات شرعيتَها. وفيه أيضا، حفاظٌ على أواصر الوطن العربي والأمة الإسلامية، وتحصينٌ لاستراتيجية الإسلام (ومخها القرآن الكريم) من التفكيك الرأسمالي المتوحش.
– جبهة المقاصد في شرطها التاريخي: فالمنطق المقاصدي مطلوب لمزيد في الفسحة فيما وسّعه الله على المكلّفين، ولتلافي تعطيل كليات الشريعة، فتعمّ الفتنة وينتشر العبث و”شرع اليد”. ولا ينبغي أن يتم ذلك إلا في إطار نصوص الشريعة، حتى لا تصبح المقاصد “حداثوية”، وعلى النقيض من مصالح الأمة وأوطانها.