1ــ أثار المدعو طوطو كثيرا من الجدل بعدما أخل بالحياء العام في مهرجان رسمي لوزارة الثقافة، ما حجم التهديد الذي تحمله هذه الانفلاتات على منظومتنا القيمية؟
شكرا للجريدة على اختيار الموضوع، طبيعي أن يثير هذا الفنان الجدل عند الشعب المغربي، بسبب الكلام النابي والحركات البديئة الصادرة عن “طوطو” في مهرجان نظمته واحتضنته وزارة الثقافة، المشكل في أن النشاط احتضنته مؤسسة رسمية مفروض فيها أن تحترم ثقافة وقيم المغاربة والنظام العالم الأخلاقي المغربي.
“طوطو” كفنان كان عليه أن يحترم قيم المغاربة لأنه في فضاء مشترك مع كافة المغاربة. وقيم المغاربة ترفض أن يتحول البداءة وسوء الأخلاق والكلام النابي إلى سلوك عادي يطبع معه المغاربة. المجتمع انتفض بكل فعالياته وقالت لا للتطبيع مع الأخلاق الفاسدة والدعوة العلنية لتناول المخدرات والخمور. وآلاف المغاربة كان له رد فعل كتعبير عن ألمهم وحسرتهم من وزارة الثقافة التي يفترض فيها أن تعكس أخلاقهم وقيمهم النبيلة. و”طوطو” كفنان إذا كانت له أخلاق سيئة يجب أن يتركها لنفسه وعليه أن يحترم المغاربة.
2ــ تم توقيف هذا المغني من قبل الأمن، هل المقاربة الأمنية والزجرية هي الحل في نظركم لمحاربة ظواهر شاذة مثل “طوطو” أو حالات على يوتيوب سميت بظاهرة “روتيني اليومي”؟
طبيعي، لا يمكن نفي المقاربة الأمنية والزجرية، لأن نظامنا العام الأخلاقي، الذي توافق عليه المغارب في دستورهم وفي قوانينهم ودينهم من مذهب المالكي إلى إمارة المؤمنين. وهذا كله لا يمكن أن يهدم من طرف بعض الفنانين أو من طرف شخصيات “روتيني اليومي”. وتدخل الأمن هو تدخل نيابة على الشعب المغربي لأنه النيابة العامة تنوب علينا جميعا وتدافع على قيمنا وتواجه الأفعال ذات الطابع الجرمي التي تهدد بتعبير القانون الجنائي المغربي في الفصل الأول، تهدد أو تحدث أو اضطرابا اجتماعيا داخل المجتمع.
المقاربة الأمنية والزجرية مهمة في مثل هذه الحالات، لكن غير كافية وبالتالي المقاربة الاستباقية مهمة. واجب على كل القطاعات، وزارة الثقافة ووزارة الداخلية والجماعات الترابية، أن تتحمل مسؤوليتها في أن تتصدى لمثل هذه الظواهر، أيضا دور الإعلام في تنبيه كل الفنانين والشخصيات العمومية بأن يكونوا في مقدمة المحافظين على القيم والأخلاق النبيلة والذوق العام للشعب المغربي، خاصة الأطفال.
3ــ ما هي الآليات القانونية التي تمتلكها الدولة لحل معضلة “روتيني اليومي” وكل الانفلاتات الأخلاقية التي تهدد أمننا القيمي؟
مما لا شك فيه أن المغرب ولله الحمد يتوفر على ترسانة قانونية مهمة في هذا الباب، أذكر على سبيل المثال لا الحصر، القانون الجنائي بمقتضياته العامة التي تهدف إلى محاربة الجرائم الأخلاقية ولاسيما الجرائم الماسة بالآداب العامة، وهنا وجب التمييز بين الفضاء العام والخاص. الإنسان حر في الفضاء الخاص من الناحية القانونية وحسابه عند الله تعالى، ولكن اذا خرج للفضاء العام مع المغاربة وجب عليه ان يحترم الآداب والأخلاق العامة ما اسميه النظام العام الأخلاقي المغربي.
القانون الجنائي نظم وسن مجموعة من القواعد القانونية من أجل الحفاظ على هذا النظام العام الأخلاقي لكي لا يتعرض للاضطراب والتهديد. فهناك جرائم السكر العلني، والفساد، ونشر صور مخلة بالحياء والعام، وقانون الصحافة والنشر في الفصول من 44 إلى 49، تضمن عددا من المقتضيات القانونية المهمة في محاربة الجرائم المتعلقة بالنشر، وخاصة أننا نتحدث عن “روتيني اليومي” الذي يشاهد بالآلاف للأسف الشديد، وهناك أفعال تبث وتكتسي الطابع الجرمي.
للأسف لحد الآن نلاحظ أن النيابة العامة تتساهل في هذا الأمر. بالفعل لما تكون هناك شكايات تتحرك، ولكن في غياب الشكايات يتم التساهل مع هذا الأمر. لهذا أدعوا النيابة العامة أن تعدل في سياستها الجنائية وأن تتخذ القرارات الحازمة والصارمة بهذا الخصوص. وخاصة أن الأمر أصبح يعرف انتشارا واسعا وله تأثير كبير وسيئ على الشباب والأطفال. فماذا ينتظر من أطفال المستقبل وهو يشاهدون تعابير مخلة بالحياء العام.
اعتقد بأن الترسانة القانونية بالمغرب كافية لردع كل من سولت له نفسه أن يمس بقيم وأخلاق المغاربة، ولكن لا يمكن تحميل المسؤولية فقط للنيابة العامة والشرطة القضائية، فللحكومة مسؤولية من خلال وزارة التربية الوطنية ووزارة الاتصال والثقافة، وعليها أن تلعب أدوارها في البعد غير الجنائي في التواصل والتوعية والتحسيس خاصة نشر قيم وأخلاق الدين الإسلامي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*المحامي نجيب البقالي: محامي بهيئة الدار البيضاء