«طابوهات» لا تتحدث عنها النسويات

مركزية المرأة؛ وأدوارها المحورية؛ جعل أي خلل يمس وظائفها ينعكس سلبا على كل مكونات الأسرة؛ وأبرزها الأطفال، حيث أصبحوا بعد ولوج المرأة إلى سوق العمل دون ضوابط، أكثر المتضررين من هذه الوضعية الجديدة.
ففقدان الأطفال لحق الأمومة؛ والرضاع الطبيعي؛ والدفء الأسري؛ والعطف والرعاية؛ مواضيع في غاية من الأهمية يجب أن تخرج من طابع التعتيم والسرية إلى الوضوح والعلنية، وطابوهات يجب كسرها حتى نخرج من حالة التناقض وظاهرة النفاق المجتمعي الذي يكرسه بالإرهاب والقمع والاضطهاد مرتزقةُ الحرية.
إن الفراغ في البيت الذي أحدثه خروج المرأة إلى سوق العمل ليس تهريجا ولا ديماغوجية يمارسها المحافظون، ولا قوالب نمطية سلبية، أو تقسيما اجتماعيا تمييزيا للمهام الأسرية، كما ادعت نسويات »التحالف المدني لتفعيل الفصل 19 من الدستور«، اللائي يسوَّقن -للأسف الشديد- إعلاميا أنهن يمثلن المرأة المغربية ويدافعن عن حقها؛ فالاختلال الذي وقع في البيت عقب خروج المرأة إلى سوق العمل يعد اليوم معضلة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
معضلة يدركها طبعا كل من تخلى عن العصبية وواجه الأمور بواقعية؛ وعالج الموضوع من جميع جوانبه، أما أصحاب الغرف المكيفة والكراسي المريحة من «النسويات» و«النسويين»، فهؤلاء لا نملك لهن شيئا، لأنهم لا يريدون أن يروا الأمور كما هي على حقيقتها، وإنما كما يحبون هم أن يروها.
فالمرأة الموظفة مثلا تضطر إلى أن تستأنف عملها بعد ثلاثة أشهر من وضع مولودها؛ حتى إن كانت ولادتها قيصرية، فتخرج إلى العمل بعد أن تبحث عمن يرعى مولودها من أفراد الأسرة إن وجد، وإلا اضطرت إلى إدخاله دار الحضانة وتحمل أعباء مادية قد تفوق ما يسمح به دخلها، تاركة خلفها مولودها وهو في أشد الحاجة إلى ثدي أمه وحنانها ورعايتها اللذان لا تعوضهما دار الحضانة ولا غيرها؛ بكل تأكيد.
أما المرأة العاملة فتلك قضية أخرى، حيث أن بعض الجشعين في القطاع الخاص لا يسمحون لها بأكثر من شهر لتستأنف عملها، ولك أيها القارئ الكريم أن تتخيل الحالة النفسية والوضعية الصحية للمرأة بعد شهر من الوضع.
نعم المرأة لها أن تلج سوق الشغل وتشارك في التنمية لكن بما يوافق أنوثتها ووضعها وحالتها الاجتماعية، أما أن تهجر وظيفتها في البيت وتزاحم الرجل في سوق العمل وتنافسه لا لشيء إلا لتثبت أنها ند له، فهذا صراع وهمي يسعى إلى جرنا إليه فصيل متطرف لا ينظر إلى العلاقة بين الرجل والمرأة أنها تكاملية تراحمية وإنما هي تعاقدية مصلحية.
أظن أنه آن الأوان أن نضع جميعا النقاط على الحروف، ونفرق بين الحرية والفوضى، وبين الانضباط والتسيب، لقد صار للحرية اليوم مرتزقة يجنون من ورائها أرباحا طائلة، ويحققون من خلال الدعوة إلى الحرية الفردية «مآرب فردية» ومكاسب سياسية واجتماعية، نعم هنالك مخلصون وصادقون في مجال الدفاع عن الحرية، لكن عددا غير قليل ممن يرفع شعار الحرية يمارس من وراء هذا الشعار أبشع أنواع الاستغلال والاستبداد والديكتاتورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *