هل يستطيع القانون الدولي أن ينصف الفلسطينيين العزل مع امتلاك الدول الإمبريالية لحق النقض “الفيتو”؟

..عندما يعترف القانون الدولي بحق دولة العدو بالوجود، ويلزمنا باتفاقيات سطرها بيده كاتفاقية “أوسلو” وغيرها، ويضرب الحصار على الدول المسلمة، وهو ما يخدم عامةً القطب المهيمن دولياً، فإننا يجب أن لا نتردد بتجاوزه بالقول والعمل، إذ ليست ثمة حكمة سياسية في المطالبة بما هو بداهةً ضد مصالحنا وحقوقنا.

يتعرض ميثاق الأمم المتحدة لمبادئ قانونية تمثل القيم الرئيسية للعلاقات الدولية وهي: حفظ السلام والأمن الدوليين، ولابد من موافقة كل دولة على أن تتعهد بذلك وبعدم استخدام القوة، وفي المادة 2 فقرة 4 من الميثاق يحظر استخدام القوة أو التهديد بها، واستثنى الميثاق حالتين هما: حالة الدفاع الشرعي، وتعني أن من يعتدي عليك لك أن تعتدي عليه بمثل ما اعتدى عليك، لكن هناك قيداً واضحاً وهو أن على الدولة المعتدى عليها والتي تتخذ تدابير لرد العدوان أن تخبر مجلس الأمن بذلك وأن تنصاع لمجلس الأمن إذا أصدر توجيهات.

والحالة الثانية هي ما قرره الميثاق من حق مجلس الأمن في حالات تهديد السلم أو الإخلال به أو قيام عدوان باتخاذ تدابير لرد هذا العدوان.
والتدابير يجب أن تكون مناسبة، فمنها وقف إطلاق النار ومنع الاشتباك، وبعد ذلك يقرر مجلس الأمن قراره على ضوء انصياع الدول لقراراته.
وهناك تدابير غير عسكرية مثل قطع الاتصالات البرية والبحرية والبريدية واللاسلكية، وكذلك الاتصالات الدبلوماسية، وكلها تستهدف التأثير على الدولة المعتدية اقتصادياً، وهناك تدابير عسكرية بجمع قوات دولية من الدول الأعضاء.
والأساس في تدابير الأمن الجماعي فلسفي وهو كبح جماح المعتدي ومنعه من سياساته العدوانية ولا يهدف إلى محاصرة الأطفال والنساء والشيوخ والمرضى. وإذا ثبت أن التدابير غير العسكرية لا تفي بالغرض لجأ مجلس الأمن إلى التدابير العسكرية لكي لا يجوز استخدام الاثنين معاً.

الفرجة التي تحولت إلى حصار!
فأين المجتمع الدولي الذي يعج بمئات الآلاف من المؤسسات والهيئات والمنظمات والأبواق التي تملأ الدنيا طنينا مدويا حول احترام حقوق الإنسان، وكرامة الإنسان، والحديث عن السلام والأمن، وعن حرمة الدم البشري؟
أين هي الأمم المتحدة التي تتحاكم لها كل دول العالم وتشيد بقراراتها حين يمارس العقاب الجماعي على 1.5 مليون نسمة في غزة من قبل الكيان الصهيوني، وتدين 14 دولة من بين 15 هذا التصرف، وتعترض الولايات المتحدة الأمريكية بمفردها على صيغة الدعوة للإدانة الكيان الصهيوني وإنهاء الحصار؟
فهذه المنظمات ترى الحصار الصهيوني على غزة براً وجواً وبحراً، بالدبابات والمدفعية والطائرات والبواخر الحربية، وبالجيوش المدججة بالسلاح الفتاك الحديث، وترى الخراب والدمار والقتلى، ثم لا تحرك ساكناً، وكأن الذين يقتلون ويتم تدمير بيوتهم فئران أو حشرات.
إن هذه المنظمات ومعها العالم كله، وقفت تتفرج على تدمير المنشئات والمنازل فوق النساء والأطفال والشيوخ، وتخريب الجسور والمعابر والأسواق والمستشفيات فوق رؤوس المرضى، وقف الجميع يتفرج على شعب أعزل، لا يملك دبابة واحدة، ولا طائرة واحدة، ومع هذا يتعرض لكل هذه الممارسات البشعة من طرف جيش صهيوني عنصري مدجج بأحدث أنواع الأسلحة بما فيها أسلحة الدمار الشامل.
بل صرحت القيادة الديكتاتورية لأمم العالم بالغطرسة والاستكبار الولايات المتحدة الأمريكية، أن هذا العدوان الأرعن: دفاع لإسرائيل عن نفسها.
إن أوربا الاستعمارية، وأمريكا الامبريالية، وروسيا الشيوعية، هي التي تآمرت على الشعب الفلسطيني المسلم، حينما جمعت أجداد الصهاينة من يهود كل أصقاع العالم، وسهلت لهم تشريد شعب واحتلال أرضه، فجاءت منظمة الأمم المتحدة للاعتراف بالكيان الصهيوني سنة 1948م، وشعوب جل دول المسلمين محتلة.

فكيف بعد هذا كله يطلب من الشعوب الإسلامية أن تثق في التحاكم إلى هذه المنظمة لحل مشاكلها ومعضلاتها خصوصا أن هذه المنظمة واقعة تحت هيمنة الدول الإمبريالية التي أنشأتها واستحوذت على حق النقض: “الفيتو”؟
وللأسف فإن الأنظمة السياسية في العالم العربي والإسلامي قد تورطت في خيانة هذا الشعب العربي المسلم، فهذه الأنظمة كانت تتاجر في نقل اليهود العرب إلى فلسطين، وتعقد مع هؤلاء الذين يسحقون الشعب الفلسطيني الآن العلاقات والصفقات ومعاهدات السلام، وتفتح لهم الأبواب والأسواق والبنوك، وتطبع معهم في الخفاء وفي العلن.

الحصار بالقانون الدولي!
إن أمريكا والحركة الصهيونية لا تحتاجان دائماً إلى الشرعية الدولية لتحقيق مآربهما، ولكنهما تبدوان اليوم قادرتين على تجاوزها وشل تأثيرها عند كل منعطف تكاد تقف فيه حجر عثرة في سبيلهما.
والواقع أننا لا يعقل أن ننجح بتعديل ميزان القوى لمصلحتنا، في عالم تحكمه القوة المادية العسكرية والاقتصادية للطرف المهيمن الأمريكي-الصهيوني، إننا يجب أن نستعد أتم الاستعداد بالعودة أولا إلى منبعنا الأصيل القرآن والسنة بفهم سلف الأمة، وتحكيم الشريعة، ومقارعة أي قانون يتعدى على حقوقنا التاريخية.
فعندما يعترف القانون الدولي بحق دولة العدو بالوجود، ويلزمنا باتفاقيات سطرها بيده كاتفاقية “أوسلو” وغيرها، ويضرب الحصار على الدول المسلمة، وهو ما يخدم عامةً القطب المهيمن دولياً، فإننا يجب أن لا نتردد بتجاوزه بالقول والعمل، إذ ليست ثمة حكمة سياسية في المطالبة بما هو بداهةً ضد مصالحنا وحقوقنا.
والخلاصة أن معركتنا اليوم هي أولاً معركة الحفاظ على ديننا ومبادئنا وثوابتنا على صعيد الفكر، وهي بالتوازي معركة بناء القوة الرادعة على صعيد العمل، ليتحقق لنا التمكين في الأرض قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} النور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *