بعدما وضع تقرير التنمية البشرية لصندوق الأمم المتحدة للتنمية لسنة 2008-2007 بلدنا المغرب في المرتبة 126 في السلم العالمي للتنمية البشرية، خرج تقرير آخر أصدره البنك الدولي ليضع المغرب في مرتبة متدنية (المرتبة: 11)، من بين 14 دولة عربية..
إن تردي واقع التعليم ببلدنا يعكس فشل التدابير والمخططات التي اتخذها واضعو (ميثاق التربية والتكوين)، فالبنيات التحتية للتعليم أصغر بكثير من أن تستوعب جحافل التلاميذ الذين يرغبون في التمدرس، الهدر المدرسي لا زال مستمرا كما أن منتوج التعليم لا يتوافق وحاجة سوق الشغل وبالتالي يمكن الحكم بالفشل الذريع في محاولة تحقيق الإصلاح المنشود.
فهل يمكن تحقيق جودة التعليم في ظل الميز الدراسي وعدم تكافؤ الفرص بين أبناء المغاربة؟
وهل يمكن ذلك ببيع المؤسسات التعليمية -كما حصل في البيضاء-؟
وهل يمكن ذلك بنسبة هدر مدرسي تبلغ حوالي 400 ألف تلميذ؟
ومما يوهن العزم على إصلاح هذا القطاع صرف طاقات التلاميذ وإشغالهم بما لا يعود عليهم بالنفع في دراستهم، بل يرجع عليهم بالشر في سلوكياتهم وآدابهم وتمسكم بهويتهم الدينية.
فمع ظهور أشكال جديدة من أنواع الرقص الماجن المستوردة من الغرب ومن جماعة عبدة الشيطان، والتي انتشرت بين صفوف التلاميذ، ولا يشك في هذا من يمر أمام طوابير التلاميذ والتلميذات الذين جعلوا الجلوس عند عتبات المنازل والعمارات القريبة من المؤسسات هواية لهم، إذ يرى هذه الرقصات الماجنة التي تحتوي على لقطات وإيحاءات جنسية وآخر ما أنتج في هذا الباب رقصة “التيك تونيك tektonik”.
وتواطؤا وتثمينا لهذه المجهودات الفنية لهؤلاء التلاميذ تخرج علينا الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الرباط سلا-زمور-زعير، مصلحة تدبير الحياة المدرسية ببلاغ لكافة المؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية الإعدادية والتأهيلية العمومية والخصوصية للإعلان عن تنظيم “المهرجان الإقليمي الأول للموسيقى المدرسية”، انطلاقا من كون “..أهم ما تهدف إليه التربية الموسيقية في مؤسساتنا التعليمية هو تنمية الذوق الفني لدى التلاميذ وتهذيب سلوكهم، فالموسيقى تكوِّن جانبا هاما ومكملا لحياة التلاميذ المدرسية، وتؤدي إلى تحسين قدراتهم في التعلم، كما أن الغناء الجماعي والفردي يؤدي إلى تعزيز المشاعر الإيجابية لدى التلاميذ نحو محيطهم الاجتماعي والبيئي” على حد ما جاء في البلاغ.
فهل الموسيقى تهذّب السلوك، وتحسن قدرات الفرد في التعلم، وتعزز مشاعره نحو محيطه الاجتماعي والبيئي، خصوصا هذا النوع النشاز من الموسيقى السائدة في أوساط الشباب؟!
وهل الموسيقى هي الحل الجديد للرفع من جودة التعليم في بلادنا؟
إن من حُرِم حلاوة الإيمان ولم يخالط نور الوحيين شغاف قلبه، فمات قلبه بعدما غلفه الران بسبب البعد عن آيات الله، لن يجد غذاء لروحه البهيمية إلا الموسيقى، وهذه هي حقيقة الموسيقى عند العلمانيين وهو ما عبر عنه البلاغ بذكر النتائج.
فإذا كانت الموسيقى غذاء الروح، فأين موقع القرآن من هذه الروح؟
إن الإنصات للموسيقى في مذهب بلدنا معلوم أنه حرام، ولا يرجى خير فيما حرمه الله علينا، ولذلك كان من نتائج التعلق بالموسيقى وتعاطيها إنتاج جيل ممسوخ الهوية والأخلاق، وهو ما يظهر للعيان من خلال نماذج الموهوبين في الميوعة والرذيلة.
فهلا جنبنا تلاميذنا هذه المهرجانات التي تفسد الأخلاق، وتميع العلاقات، وتشغل عما هو مفيد ونافع، فليست الموسيقى هي التي تهذب السلوك بل التربية الحسنة على الآداب الفاضلة المستمدة من ديننا الحنيف.
وليست الموسيقى هي التي تكمل حياة التلاميذ بل تنشئتهم على تكوين الحصانة العلمية والدينية لمواجهة غول العولمة والعلمانية.
وليست الموسيقى هي التي ستحسِّن قدراتهم في التعلم بل البرامج التعليمية الموضوعية، ووجود الضمير الحي والتضحية من طرف القيّمين على مجال التعليم.
وليس بالموسيقى يتم تعزيز المشاعر الإيجابية لدى التلاميذ نحو محيطهم الاجتماعي والبيئي بل بتربيتهم على الاعتزاز بالانتماء لهويتهم الدينية الإسلامية عقيدة وفقها ومعاملة وسلوكا.