من مظاهر أزمة الهوية

مظاهر أزمة الهوية يمكنك أن تراها في الشباب الذي يعلق عَلَم أمريكا في عنقه وفي سيارته، وفي الشباب الذي يتهافت على تقليد الغربيين في مظهرهم ومخبرهم، وفي المسلمين الذين يتخلون عن جنسية بلادهم الإسلامية-بغير عذر ملجئ- ثم يفتخرون (بالفوز) بجنسية البلاد الكافرة، وفي المذيع المسلم الذي يعمل بوقاً لإذاعة معادية لدينه من أجل حفنة دولارات أو جنيهات، وفي الجاسوس والعميل الذي يخون أمته، ويبيع وطنه، وفي تاجر المخدرات الذي لا يُبالي -في سبيل تحصيل المال- بتحطيم شباب المسلمين ونسفهم نسفاً، وفي أستاذ الجامعة الذي يُسبِّح بحمد الغرب صباح مساء، وفي مدعي الإسلام الذي يقبل الانتظام في جيوش الدول الكافرة المحاربة لأمة الإسلام، وفي كل ببغاء مقلد يلغي شخصيته، ويرى بعيون الآخرين، ويسمع بآذانهم.

وباختصار: يسحق ذاته ليكون جزءاً من هؤلاء الآخرين “أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ” النساء، والعجيب أنه يعود مذموماً مخذولاً من هؤلاء جميعاً، ويعامله الله بنقيض قصده، فيتحقق فيه قول القائل:
باء بالسخطين فلا عشيرته رضيت عنه ولا أرضى عنه العدا
وإن أقبح نموذج لمسخ الهوية وما يبوء به صاحبه من الخسار والذل هو النموذج التركي الذي يُبغِض كل ما فيه رائحة الإسلام (1).
إن نظرةً إلى الحيز الإعلامي الذي شغله موت “أميرة ويلز” في كل أرجاء العالم المنتسب إلى الهوية الإسلامية، وما صاحبه من الطقوس الكنسية، وبين الحيز الذي شغله موت العلامة الشيخ محمود شاكر رحمه الله في نفس الفترة، على سبيل المثال، يكشف لنا مدى أزمة الهوية في عصرنا.
————
1- صدر في تركيا ( أكتوبر 2001 ) قانون يحظر على الآباء تسمية أولادهم بأسماء إسلامية متميزة، مثل: زيد، وبلال، وفاطمة الزهراء!

عن كتاب: “هُوِيّتُنا أَو الهِاويَةُ”
محمد إسماعيل المقدم

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *