من صور إنصاف القرآن للمرأة..
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. (سورة البقرة؛ الآية: 178)
كان أهل الجاهلية لا يقيمون كبيرَ وزنٍ للمرأة في تشريعاتهم، فيقعون في ظلمها؛ ومن هذا أنهم يقتلونها بالرَّجل، ولا يقتلون الرجل بها؛ أي: إذا قتَلت المرأةُ رجلا، قُتلت به، وإذا قتلها، لم يُقتل بها!
فأبطل الله هذا الحكم الجائر، وأعطى المرأة حقها، وسَوّى بينها وبين الرجل في القصاص، سواء في النفس أو في الجراحات:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في قوله سبحانه: {وَالأنْثَى بِالأنْثَى} وذلك أنهم لا يقتلون الرجل بالمرأة، ولكن يقتلون الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة فأنزل الله: {النَّفسُ بالنَّفسِ وَالعَيْنُ بِالعَيْن}، فجعل الأحرار في القصاص سواء فيما بينهم من العمد؛ رجالهم ونساؤهم في النفس، وفيما دون النفس”. (تفسير ابن كثير 1/489).
وروى الأربعة إلا الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ”.
ونقل الإجماعَ على تساوي الرجال والنساء في القصاص؛ ابن المنذر في كتابه الإجماع، والقرطبي في تفسيره، وابن حجر في الفتح.
وفي هذا الحكم حماية عظيمة للمرأة؛ إذ لولاه لتجرأ الناس على دمها، وهو من إنصاف القرآن لها الذي يمكن عده من مظاهر التكريم والعناية الربانيين..