المرأة هي الأم والزوجة والبنت والأخت والقريبة.. وهي المربية والمعلمة والحاضنة.. وهي مخرجة الرجال، ومربية الأبطال، ومعلمة النساء.. وهي منشئة القادة والعلماء والدعاة.. خلقها الله سبحانه من آدم، قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء) [النساء:1].
قال السعدي رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية: “وفي قوله: {وخلق مِنْهَا زَوْجَهَا} تنبيه على مراعاة حق الأزواج والزوجات والقيام به، لكون الزوجات مخلوقات من الأزواج، فبينهم وبينهن أقرب نسب وأشد اتصال، وأقرب علاقة” تيسير الكريم الرحمن.
ومن هذا المنطلق يجب على المرأة تحمل مسؤوليتها كاملة، المسؤولية العلمية والاجتماعية والتربوية والدعوية، فعلى المرأة المسلمة أن تعي أمور دينها وواجباتها، وأن تشق طريقها في العلم والمعرفة، وتقوم بمسؤوليتها في تربية الأجيال وصانعة الرجال، وأن تكون الزوجة الحنون التي تقف مع زوجها مشجعة له في طريق الخير، ومتحملة في سبيل تحقيق أهدافه وغاياته، وأن تكون الداعية التي ندبت نفسها لأعظم طريق يوصل إلى الجنة ورضوان الله.
فعليها مسؤوليات خاصة بحكم كونها مربية وأماً وزوجة، ففي أي حالة من الحالات عليها مسؤولية يجب أن تقوم بها خير قيام.
فحاجة المجتمع المسلم، بل وحاجة الأمة بأكملها إلى المرأة القدوة الواعية التي تعرف مسؤوليتها، وتستشعر الأمانة التي حملت إياها وتبصر طريقها، وتتعرف على حقوقها وحقوق غيرها.
حاجتنا إلى المرأة المسلمة المؤمنة التي تعمق إيمانها بربها عز وجل، فتؤمن به رباً وخالقا ومعبوداً، وتؤمن بملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، فتقيم تصوراتها في هذا الوجود وفق هذا الإيمان، تصورها للكون والحياة والإنسان.
وحاجتنا إلى المرأة الواعية التي تعي شريعة ربها وتستشعر أوامره فتعمل بها، ونواهيه فتجتنبها، وتتعلم مالها وما عليها فتقوم بذلك خير قيام.
وحاجتنا إلى المرأة الواعية المتبصرة بشؤون وظيفتها الحقيقية، بشؤون بيتها ومملكتها فترعى حق هذه المملكة الصغيرة، التي تخرج الرجال، وتنشئ الأطفال على حب الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وخدمة دينه.
وحاجتنا إلى المرأة التي مظهرها ينبئ عن مخبرها، فلم تتأثر بشرق أو بغرب، ولا بتيار أو موضة، ولم تتبع كل صيحة، فهي قدوة في مظهرها كما هي قدوة في مخبرها، جسدها محفوظ، وقلبها مليء بالإيمان، وعفتها ظاهرة، وملبسها نظيف ظاهره وباطنه، آمنت وعلمت وعملت.
حاجتنا إلى المرأة القدوة التي تدعو إلى الله بعملها قبل قولها، تحب الخير للناس كما تحبه لنفسها، تنصح هذه، وتوجه هذه، وتنكر على تلك، تربي، وتنشئ، وتصحح خطأ، وتعالج مشكلة، تتبرع بمالها، وتؤدي جهدها حسب طاقتها، تعيش للدعوة قائمة نائمة، في بيتها وفي عملها وفي أي مكان كانت.
وحاجتنا إلى المرأة التي تعي كيد أعدائها، فتحذر أن تقع في شراكهم فتنقاد لهم وتستجيب لنداءاتهم، وتتبع مللهم، تَحذر وتُحذر من تلك الدعايات المضللة التي اتخذت المرأة مطية لها.
هذه الحاجة تلح على أهل العلم والاختصاص ليبذلوا جهودهم بألسنتهم وأقلامهم ليبصروا المرأة المسلمة بواجبها، ويبصروا وليها ويذكروه بالأمانة الملقاة على عاتقه.