تحقيق ميداني حول حصيلة خمس سنوات من انتزاع المجلس العلمي بمراكش مقرات دور القرآن من جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بزعم تولي تسييرها

بعد إغلاق 67 دارا للقرآن في مجموع التراب الوطني قامت ثلاث فرق نيابية بطرح سؤال شفوي على وزير الداخلية شكيب بن موسى، ومن جملة ما جاء في تصريح الوزير قوله: “..وبهذا الصدد وجب التأكيد أن السلطات المحلية قد تكفلت بالعديد منهم -أي رواد دور القرآن- كما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أبانت عن استعدادها للتكفل بالباقي منهم في أجل لا يتعدى شهرا واحدا”.

وعلى إثر هذا التصريح قامت جريدة السبيل بإجراء تحقيق ميداني في الموضوع، تبين لها من خلاله أن وزارة الداخلية قد سبق لها أن أغلقت سنة 2003 مجموعة من دور القرآن كانت تابعة لجمعية الدعوة إلى القرآن والسنة، وقد تم إسناد مهمة تأطيرها وتسييرها لوزارة الأوقاف.
وقد مضت خمس سنوات على تسلم الوزارة لهذه المهمة، فما هي يا ترى النتائج التي حققتها الوزارة في هذا المجال؟
وكيف أصبحت دور القرآن بعد تولي وزارة الأوقاف شؤون تسييرها؟
وقد شمل هذا التحقق ثلاث دور للقرآن الكريم هي: دار القرآن بروض العروس، ودار القرآن بسيدي يوسف بن علي، ودار القرآن بحي المحاميد.

مقر دار القرآن بروض العروس
تعريف بنشاط المقر قبل انتزاعه من طرف المجلس العلمي
الأوقات التي يفتح المقر وبقية المقرات فيها أبوابه:
من بعد صلاة الفجر إلى غاية صلاة العشاء، لتفسح المجال لجميع شرائح المجتمع كل حسب وقت تفرغه.
عدد الحلقات القرآنية: 6.
عدد الختمة كل سنة: 10.
فيما يخص العلوم الشرعية
تدرس فيه المواد التالية: العقيدة والتجويد والفقه، برنامج نشاط الصغار: يكون يوم الأحد وفي موسم الصيف.
بعد تسلم المجلس العلمي لهذا المقر وضع عليه لوحة تحمل عبارة: مدرسة الإمام ورش، لتبقى حبيسة الجدار غير مفعلة، وعين ثلاثة أشخاص مدرس وحارس ومنظف للقيام بهذا المقر، لكن حقيقة الأمر أن ذلك لم يستمر فإن الحارس والمنظف غادرا بعد أشهر قلائل لأن هيأة المجلس لم تعد تضمن لهم رواتبهم وأحالت ملفاتهم على وزارة المالية وعليهم أن ينتظروا الجواب في أجل مفتوح غير مسمى وحسب التحريات التي قمت بها فإن الشخص الذي عين مدرسا يفتح المقر: صباحا من الساعة 9 إلى 12 لينتظر لا شيء أو طفل أو طفلين ممن شغبوا على أمهاتهم حسب -تعبير المدرس- فأرسلوهم إلى المقر ثم يغلق بقية اليوم.
ثم أصبح المقر بعد حين يلتقي فيه أحد المسؤولين بالمجلس في اجتماع مع المؤطرين والمؤطرات الذين عينوا في برنامج محو الأمية فهل يا ترى لا تتسع قاعات المجلس العلمي لاحتواء هذه الاجتماعات كما هو المفروض ليلجأوا لاتخاذ المقر لهذه الأغراض أم هو ذر الرماد في العيون ليقال إن بالمقر أنشطة فعالة.
ثم إن المقر لم يتحمل أحد من المسؤولين عناء تهيئته لاستيعاب حلقات التحفيظ فالأفرشة متراكم بعضها فوق بعض والمقر في حاجة إلى حملة تنظيفية ابتداء من الدرج وانتهاء بقاعة التدريس ولا أدري كيف تعقد اجتماعات في محل حاله هذه.
هل هذا ما تنتظره ساكنة روض العروس من علماء المجلس العلمي: إقبار للمقر و أزبال هنا وهناك واستغلال في غير حلقات التحفيظ.

مقر دار القرآن بسيدي يوسف بن علي
تعريف بنشاط المقر قبل انتزاعه من طرف المجلس العلمي.
عدد الحلقات القرآنية: تسع حلقات العدد الإجمالي للطلبة: 600.
عدد الختمة كل سنة: ثلاثون
فيما يخص العلوم الشرعية: يدرس كل من :العقيدة – الحديث – التفسير ثم المتون العلمية.
عدد حلقاتها: ثلاث حلقات.
برنامج نشاط الصغار: له أربع حلقات خاصة بالقرآن وبرنامج خاص يوم الأحد فيه وفي الصيف: العقيدة والأذكار والأحاديث.
بعد تسلم المجلس لهذا المقر عين شخصين -فيما علم- لتسييره وأسماه مدرسة: الإمام نافع.
بقي هذا المقر حبيس هذين الشخصين وقاموا بمحاولات لاستقطاب الشباب لكن دون جدوى ومن هذه المحاولات أن أحدهما إمام لمسجد فكان بين الفينة والأخرى يدعو في مسجده الناس للحضور إلى المقر وإحضار أبنائهم لكن الذي لا يعرفه هذا الإمام أو يتجاهله أن الناس يعرفون جيدا المقر وعدد كبير منهم كانوا يحضرون للاستفادة ويرسلون أبناءهم كذلك فما الذي صرفهم عن ذلك أقول إنه الخمول الذي أصبح يخيم على المقر وانعدام النشاط بكل صوره التي عهدها الناس فيه.
ثم اسمع هذا الخزي والعار أن المقر محروم ومنذ زمن من الكهرباء لعدم تسديد واجب الاستهلاك فهل سيرجعون بالناس إلى عصر الشموع قبل أن تكتشف الكهرباء.
ثم إن المشرف على المقر استغله مرأبا لسيارته بالليل ثم أقلع عن ذلك بعد شيوع الخبر.
ولا يزال المقر مغلقا إلى الآن إلا في أوقات معدودة دون استفادة منه ترجع على ساكنة هذا الحي الذي ألف الحيوية في هذا المقر فهل هذا ما تنتظره هذه الساكنة من المجلس العلمي.

مقر دار القرآن بحي المحاميد
تعريف بنشاط المقر قبل انتزاعه من طرف المجلس العلمي.
فيما يخص حلقات القرآن: 6 حلقات.
عدد الختمة كل سنة: 10.
فيما يخص العلوم الشرعية: يدرس كل من العقيدة والفقه والحديث والتجويد.
وللنساء أيضا حظهن من الحلقات القرآنية والدروس الشرعية.
وللصغار نشاط: في حلقات تتخلل الأسبوع وبرنامج خاص يوم الأحد وفي الصيف.
انتزع المجلس العلمي هذا المقر فسلمه لأحد أئمة المساجد ليستغله ملجأ لطلبته، مستغلا المرافق التي توجد بها لإيواء هؤلاء )الطْْلْبة( الذين طالما شوهدوا يتلذذون بالنظرات من النوافذ إلى الفتيات المارة في الشارع المقابل للدار أو بالاستمتاع بالنظر إلى اللواتي ينتظرن الحافلة، فهل هذه أخلاق طلبة القرآن.
وهي الآن مغلقة ولا ندري لماذا؟!
والسؤال المطروح على المجلس العلمي: لماذا لم يقم بما وعد؟
– أين حلقات العلم والتحفيظ في هذه الدور وكم حافظا من حفظة القرآن تخرج.
ألا تكفي خمس سنوات ليتمكن على الأقل طالب واحد من ختم القرآن، خصوصا أن الطالب إذا حفظ ربعا في أسبوع يكون قد ختم القرآن في خمس سنوات.
إذن يجب الاعتراف أن السلطات سلمت تسيير شؤون هذه الدور لأناس سلبيين أو عاجزين أو ليست لهم خبرة أو منشغلين بالدنيا.
على المجلس العلمي الأعلى ما دام قد تسبب في إغلاق أكثر من ستين دارا للقرآن أن يكون لجنة للتفتيش لتقف على المهازل التي أصبحت تعيشها دور القرآن المنتزعة بعد أن دخلت تحت إشراف المجلس العلمي بمراكش، لكي لا يبقى أعظم إنجاز قام به المجلس هو وضع لافتة على باب كل دار قرآن تحمل اسما من أسماء الأعلام.
إن العديد من المواطنين الذين كانوا يستفيدون من دور القرآن يطالبون المجلس العلمي المحترم أن يدلي للمواطنين بنتائجه في هذه الدور طيلة خمس سنوات فقد كانت كل دار منها تدلي بنتائج مشرفة في حفل اختتام السنة، بل أكثر من ذلك -حسب ما صرح به القائمون عليها- كانت تحيي أيام السنة كلها بالمحاضرات القيمة والدروس النافعة وهي مسجلة لمن شاء الإنصاف.
فإذا كانت المساجد التي هي تحت مسؤولية المجلس تشكو عوزا من حيث الوعاظ المتمكنون والخطباء المؤهلون والأئمة النجباء والكل يعاين المهازل في خطب الجمعة مع أن أغلب الخطباء يحملون تزكية من المجلس، فإذا كان هذا حال المساجد فكيف يتسنى لوزارة الأوقاف والمجالس العلمية أن تلبي حاجات آلاف المواطنين الذين كانوا يستفيدون من أنشطة دار القرآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *