الهوية: هي حقيقة الشيء أوالشخص التي تميزه عن غيره، فهي ماهيته، وما يوصف به من صفات:عقلية، وجسمية، وخلقية، ونفسية، ويعرف به، كما يدل عليه حديث أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها قالت: “كنت أحب ولد أبي إليه وإلى عمي أبي ياسر، لم ألقهما قط مع ولدها إلا أخذاني دونه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ونزل قباء غدا عليه أبي وعمي مغلسين، فلم يرجعا حتى كان مع غروب الشمس، فأتيا كالين ساقطين يمشيان الهوينى، فهششت إليهما كما كنت أصنع، فوالله ما التفت إلي واحد منهما مع ما بهما من الغم، وسمعت عمي أبا ياسر وهو يقول لأبي: “أهو هو؟” قال:”نعم والله”، قال عمي: ” أتعرفه وتثبته؟ ” قال: “فما في نفسك؟ ” أجاب:” عداوته والله مابقيت”) السيرة النبوية” لابن هشام).
فقوله: “أهو هو؟” إشارة إلى هوية النبي صلى الله عليه وسلم وأنه الموصوف في التوراة.
فالهوية هي المفهوم الذي يكونه الفرد عن فكره وسلوكه اللذين يصدران عنه من حيث مرجعهما الإعتقادي والإجتماعي ، وبهذه الهوية يتميز الفرد ويكون له طابعه الخاص، فهي بعبارة أخرى: (تعريف الإنسان نفسه فكرا وثقافة وأسلوب حياة)، كأن يقول مثلا: “أنا مسلم” أو يزيد: “منهجي الإسلام”، أو يزيد الأمر دقة فيقول: “أنا مؤمن ملتزم بالإسلام،من أهل السنة والجماعة.
وكما أن للفرد هوية فكذلك للمجتمع والأمة هوية مستقلة تتميزبها عن غيرها وإلا تشابهت الأمم كالأسماك في الماء، وكلما توافقت هوية الفرد مع هوية المجتمع كلما تعمق إحساسه بالإنتماء لهذا المجتمع، واعتزازه به، وانتصاره له، أما إذا تصادمتا فهنا تكون أزمة “الاغتراب”، قال صلى الله عليه وسلم : “إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء” (مسلم).
وفي بعض الروايات: “أناس قليل في أناس سوء كثير، مَن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم” (ابن المبارك في ” الزهد “، والإمام أحمد، وصححه الألباني في الصحيحة (1619).
والانتماء الوجداني والانتساب إلى الهوية ينبع من إرادة النفس، فَهي قابلة له، راضية عنه، معتزة به، وهذا الانتماء هو الزمام الذي يملك النفس، ويحدد أهداف صاحب الهوية، ويرتب أولوياته في الحياة، فتنصبغ النفس به، وتندمج فيه، وتنتصر له، وتوالي وتعادي فيه، مع نفي الانتساب إلى الهوية مضادة أو مزاحمة، أي: أن هذا التفاعل النفسي ينتج عنه بناء حواجز نفسية بين الشخص وبين من يخالفونه الهوية.