الجمعيات النسائية العلمانية وخدمة الأطماع الغربية نبيل غزال

على مدى العقدين السابقين أصبحت أفكار وأطروحات وممارسات ما يطلق عليه في الغرب الحركة النسوية أو (الفِمِنِزْم Féminisme) تمثل تياراً قوياً وسائداً في حياتنا الاجتماعية والثقافية بل والسياسية، ويجد المتابع هذا الأثر في العديد من دور النشر المخصصة لنشر هذه الأفكار وتضمينها في آلاف الكتب الصادرة للترويج ونشر تلك الأطروحات، كما يجده في جمعيات اجتماعية وفكرية، وفي دوائر ذات نفوذ داخل المعترك الجمعوي والسياسي، تعمل على تحويل الأفكار والأطروحات النظرية إلى واقع عملي وفعلي من خلال استصدار القوانين والتمكين الاجتماعي للممارسات النسوية عبر وسائل الإعلام التي تشكل الرأي العام.
وبشكل عام فإن الغرب انتقل في التعامل معنا من الصراع السياسي والاقتصادي إلى الديني والثقافي والاجتماعي المتصل بالهوية والوجود؛ وتبدو هذه الهجمة الآن بادية عبر تسييد النخب العلمانية وتمويلها، واحتفائها بالجمعيات الحقوقية النسائية.. وهو ما يتطلب يقظة ووعياً وأدوات جديدة للمقاومة.
لقد أصبحت المنظمات غير الحكومية الذراع الأساس للحكومة العالمية في فرض وإعمال كل السياسات الموضوعة في مؤتمرات المرأة والسكان، وآخرها مؤتمر بكين، وقبله مؤتمر القاهرة وغيره، إن هذه المنظمات التي تضم نخباً نسوية علمانية منعزلة عن مجتمعاتها الإسلامية أصبحت تستمد قوة كبيرة بفضل الدعم المالي والمعنوي الذي تتلقاه من شبكاتها الخارجية، بل إنها أصبحت أكثر ارتباطاً بالوضع العلماني الغربي من ارتباطها أو حتى صلتها بمجتمعاتها المحلية، وتحولت إلى مجرد فروع للحركة العالمية للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجالي المرأة والأسرة، وذلك من خلال:
– اعتبار “الزواج المبكر (أقل من 18 سنة) شكلاً من أشكال العنف ضد الفتاة، والمطالبة بسن القوانين صارمة لتجريمه.
– اعتبار الصداق شكلا من أشكال العنف ضد الفتاة.
– توفير “احتياجات الصحة الإنجابية للمراهقين لتعليمهم” ما أسموه “ممارسة الجنس الآمن” مما يصب في تشجيع الممارسات الجنسية خارج الإطار الشرعي “الزواج”.
– من حق الطفلة أقل من 18 سنة تحديد متى وكيف تصبح “ناشطة جنسيًا”، وتوفير “معلومات الصحة الجنسية لها”.
– جعل هذه الممارسات حقًا أصيلاً من حقوق الطفلة التي حددوا سنها بأنها الأقل من 18 سنة، وهو سن الزواج والإنجاب.
– التأكيد على ضرورة توزيع وسائل منع الحمل في المدارس خاصة للفتيات، لتكون ممارسة الجنس الحر عندهم أيسر.
– توفير خدمة الإجهاض بشكل معلن وقانوني وأطلقوا عليه اسم “الإجهاض الآمن” في المستشفيات الرسمية.
– ضرورة الحفاظ على حق الشذوذ “حق تحديد الهوية الجنسية للفتيات”، أي أن تختار الفتاة جنسها، وينبني عليه تحديد “التوجه الجنسي”- أي أن تختار جنس الشريك-.
– مراعاة حق الشاذات في التعبير عن آرائهن حول الشذوذ وحقهن في الحصول على شركاء مثليي الجنس لهن.
– اعتبار التركيز الشديد على عذرية الفتاة وخصوبتها “كبتًا جنسيًا”.
– التحريض على تحدي التقاليد الاجتماعية، وتوعية الصبية بحقوق الفتيات ومن ضمنها الحديث مع الصبية عن أسباب التخوف من الجنس المثلي لإزالة هذا الخوف وتشجيعهم عليه.
– المطالبة بإزالة ما أسموه جميع أشكال التمييز ضد الفتاة حتى لو كانت نابعة من الدين أو العرف كمسائل الصداق والميراث والهياكل الإدارية في البيت.
– اعتبار عمل الفتاة (دون الثامنة عشر) في منزل أهلها أحد “أسوأ أشكال عمالة الأطفال”، واعتباره عنفًا ضد الطفولة.
– سلب قوامة الرجال على النساء.
– سلب ولاية الآباء على الأبناء.
إن الوعي بأهداف هذه الجمعيات والمؤتمرات وما تدعو إليه، ومن يقف وراءها يجعلنا ندرك خطرها ويدفعنا إلى البحث عن اختيار طريقة ناجعة لمواجهتها والحد من مدّها وتوسعها، وذلك بكشف سوءاتها وعوارها لعموم الناس، وبيان مراميها، ومخالفتها لمقاصد الشريعة، وأنها أحد أذرعة العولمة المعاصرة؛ وذلك من خلال وسائل الإعلام المقروءة، والمسموعة، والمرئية، وعن طريق الندوات والمحاضرات؛ وبيانات تصدر عن المراجع العلمية المعتمدة، والتوعية بمخاطرها من قبل الدعاة وطلاب العلم، والمثقفين، والإعلاميين، والقيادات النسائية، وتحميل الجميع المسؤولية في بث الوعي العام؛ للوصول إلى تحصين داخلي قوي، من شأنه أن يحمي وحدتنا الوطنية والترابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *