طبلت كل الطبول، وصفقت الأيادي على فوز المرشح الأمريكي الديمقراطي باراك أوباما..، بل أشادت العديد من المنابر بالانتخابات التي توجت هذا الأسود ليكون سيد البيت الأبيض، وكأن الناخب الأمريكي حقق معجزة بانتخابه لرجل أسود، والحقيقة أن انتخابه كان رد فعل للمواطنين الأمريكيين على السياسة التي جرت بلادهم إلى الهاوية ومرغت كبرياءهم في وحل الأزمة الاقتصادية حتى أصبحوا يتكففون الدول العربية في الخليج، إذن فالناخب الأمريكي كان مضطرا إلى هذا الاختيار.
وممن بالغ في الإشادة بنتيجة هذه الانتخابات بوق الحقد العلماني والتأصيل الحداثي جريدة الأحداث المغربية التي عبرت عن ذلك تحت عنوان بالحروف العريضة “الشعب الأمريكي يقدم للعالم درسا في الديمقراطية” في عددها 3559/6 نونبر 2008م، وكأن الديمقراطية عند علمانيي الأحداث هي استبدال رئيس أسود برئيس أبيض مهما كان نوع التحيز المجتمعي لفئة مجتمعية في سياق تاريخي معين في دولة الهنود الحمر.
وأين كانت الديمقراطية الأمريكية عندما شنت أمريكا الحروب الاستنزافية واقترفت الجرائم ضد الإنسانية؟
وأين كان هذا الشعب الأمريكي وديمقراطيته عندما كذب عليه رئيسه وادَّعى أن العراق يمتلك أسلحة الدمار الشامل، فاستباح ثرواته وعرض نسائه؟
بل أين كان هذا الشعب وأين كانت ديمقراطيته عندما دكت أمريكا مدن وحضارة العراق، ونهبت جيوشها متاحف وخزانات التراث العراقي؟
وأين كان هذا الشعب الأمريكي وديمقراطيته المزعومة عندما أزكمت أنوف العالمين فضائح أبي غريب وجرائم شركات الأمن الخاصة (بلاك ووتر)؟
ألا يكفي عند كتاب الأحداث المغربية أن الكيان الصهيوني هو صنيعة الشعب الأمريكي وحمايته جزء من عقيدته الإنجيلية ليعيدوا النظر في ديمقراطيته؟
ألم يكفهم سجن “غوانتنامو” ودمار أفغانستان والعراق وهتك عرض العراقيات وحصار فلسطين لتنهار هذه الديمقراطية من أعينهم كما انهارت عند كل ذي عقل وعينين؟
أم هو التغريب والتبعية والعماية العلمانية؟