قال ابن قتيبة رحمه الله: “ولو ردوا (أي أهل الأهواء والدهماء) المشكل إلى أهل العلم به لوضح لهم المنهج واتسع لهم المخرج، ولكن يمنع من ذلك طلب الرئاسة، وحب الأتباع، واعتقاد الإخوان بالمقالات، والناس أسراب طير يتبع بعضها بعضا، ولو ظهر لهم من يدعي النبوة مع معرفتهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، أو من يدعي الربوبية لوجد على ذلك أتباعا وأشياعا” تأويل مختلف الحديث21
قال ابن عاشور رحمه الله: “فالغلو في الغالب يبتكره قادة الناس ذوو النفوس الطامحة إلى السيادة والقيادة، بحسن نية أو بضده إفراطا في الأمور وذلك إما بداعية التظاهر بالقدرة، وحب الإغراب لابهات نفوس الأتباع، وتحبيب الانقياد، أو حب الإكثار والزيادة والتفريع في الأمور المستحسنة لديهم، فإن النهم في المحبوب من نزعات النفوس” أصول النظام الاجتماعي في الإسلام 23.
وقال الحجوي الثعالبي رحمه الله: “ليست الفتوى بطول الأرذان وإرخاء الذوائب كذنب الأتان، والهذر باللسان إذا خلا الميدان… فهذا من الضرب الذين يستفتون بالشكل لا بالفضل، ويأكلون بالعمائم والأكمام، لا بالعلوم والأحكام، تعج منهم الحقوق إلى الله عجيجا، وتضج الأحكام من أقلامهم ضجيجا” الفكر السامي 2/431.
وقال المناوي رحمه الله في معنى قوله عليه الصلاة والسلام: “البركة مع أكابركم” صحيح الجامع: “البركة مع أكابركم، المجربين للأمور المحافظين على تكثير الأجور فجالسوهم لتقتدوا برأيهم وتهتدوا بهديهم أو المراد من له منصب العلم وإن صغر سنه فيجب إجلالهم حفظا لحرمة ما منحهم الحق سبحانه وتعالى، وقال شارح الشهاب: هذا حث على طلب البركة في الأمور والتبحبح في الحاجات بمراجعة الأكابر من سبق الوجود وتجربة الأمور وسالف عبادة المعبود قال تعالى: “قال كبيرهم” وكان في يد المصطفى صلى الله عليه وسلم سواك فأراد أن يعطيه بعض من حضر، فقال جبريل عليه السلام كبر كبر فأعطاه الأكبر وقد يكون الكبير في العلم أو الدين، فيقدم على من هو أسن منه” فيض القدير 3/220.