وقفات مع كتاب التعالم من ظواهر التعالم: التعالم في القضاء وتعالم التافهين إعداد: عابد عبد المنعم

بعد أن ذكر الشيخ خطر التجاسر على الفتوى وخوف العلماء والأئمة من اقتحام هذا المعترك الخطير، وكشف لنا الشيخ عن صور مشرقة من خوف العلماء من الخوض في هذا الأمر، انتقل الشيخ إلى الحديث عن ظاهرة أخرى من ظواهر التعالم وهي التعالم في القضاء، وتعالم التافهين.

وأما في القضاء فبلية لا لعاً(1) لها, وفتنة وقى الله شرها، إذ القضاء سر الدولة وعنوان قوتها من ضعفها, لنفوذه على حرمات العباد لا سيما في ضروريات حياتهم، فإذا دخله متعالم بتصرفاته السقيمة, ومعلوماته الضئيلة، وعقليته الهزيلة، صار تكأة لاستعداء العداء على تحكيم شريعة رب الأرض والسماء، ولا تسأل عن اضطراب حبل الأحوال وتتابع الأهوال وفيما دوِّن في صفحات التاريخ عبرة لمن اعتبر, وعظة لمن اذكر.
ومنه تعالم التافهين الفاشلين في التحصيل -بله التحقيق- بتفسير كتاب الله تعالى, إذ أمرَّتهُم السُّنون ولمّا يبرزوا، فسلكوا ذلك المنحنى الخطير ليظهروا.
وقد قيل: “إذا كنت خاملا فتعلق بعظيم”.
وقيل: “ما أنصف القارة من باراها”.
فهل سمعت بمفسر متعالم كذاب؟
وهل سمعت بمفسر جاهل لا يدري السنة ولا يحفظ الكتاب؟
وهل سمعت بمفسر يُحمِّل آيات التنزيل مالا يخطر على بال؟
كل هذا قد جُمع في هذا العصر, قليل الرشاد, كثير الفساد, لا يأنف متعالمه من الوصمة والعاب(2)، ..واسمع شكوى أجلة الشيوخ من هذا النعاق، وإليك ما علقه العلامة أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى في كتاب (عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير): إذ قال بعد حديث “من قال في كتاب الله برأيه فأصاب فقد اخطأ”: (أما في عصرنا فقد نابت نوائب، ونبتت نوابت ممن استعبدوا لآراء المبشرين وأهوائهم، وممن جهلوا لغة العرب إلا كلام العامة وأشباههم، فجهِلوا القرآن فلم يقرؤوه ولا يكادون يسمعونه إلا قليلاً، وجهلوا السنة بل كانوا من أعداءها وممن سخروا من علم علماء الإسلام، وسُفهت أحلامهم، ومردت ألسنتهم على قولة السوء في سلفنا الصالح من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، بل لا يؤمنون بالغيب إلا قليلاً.
هؤلاء وأشباههم وأمثالهم اجترئوا على العبث بالقرآن واللعب بالسنة، فعرضوا لتفسير القرآن وزعموا لأنفسهم الاجتهاد الجاهل، يفتنون الناس ويعلمونهم اللعب والعبث، وينزعون من قلوبهم الإيمان، لا أقول إن هؤلاء وأولئك يفسرون القرآن بأهوائهم، فإنهم أضعف من أن تكون لهم أهواء، وأشد جهلاً، بل بأهواء سادتهم ومعلميهم من المبشرين والمستعمرين أعداء الإسلام…) انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وقد ابتلي المسلمون من قبل ومن بعد بجهود منكرة من طراز آخر, وأسوأ مثال للمعاصرة ما يراه البصير في كتابي “صفوة التفاسير” و”مختصر تفسير ابن كثير” كلاهما لخَلَفِي محترق؟
وإن تسلط الخَلفِي في الاعتقاد على ثروة علماء السلف في كتب التفسير مثل تفسير ابن جرير, وابن كثير يمثل سطو أعداء السنة، على راوية الإسلام الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه-، فكما أن أبا هريرة رضي الله عنه الذي روى ما يزيد عن خمسة آلاف حديث شجى في حلوق العداء، فكذلك تفاسير السلف المعتمدة مثل تفسير ابن جرير، وابن كثير.. شجى في حلوق الخلف في الاعتقاد والغاية الفاسدة سواء.
وقد فزع أهل العلم وطلابه من تطاول هذا المغبون في حظه من العلم والتقى, إذ كدر صفوة التفاسير وعبث غاية العبث فيها، وفي اختصاره تفسير ابن كثير.
وانظر في كشفها:
1- المفسورن بين التأويل والإثبات في آيات الصفات، للشيخ محمد ابن عبد الرحمن المغراوي.
2- الرد على أخطاء محمد علي الصابوني، للشيخ محمد جميل زينو.
3- مقال للشيخ سعد ظلام في مجلة منارالإسلام..
4- مقدمة الجزء الرابع من السلسلة الصحيحة للعلامة الألباني فقد شفي فيها وكفى.
5- وله في مواضع من الجزء الثالث من السلسلة الضعيفة ما يكشف هذا المبتلى المرائي المتشبع بما لم يعط، وعبثه في عدة عوامل وهي:
أ- الإخلال بالأمانة في النقل.
ب- التصرف في عبارات السلف لتوافق مذهب الخلف في باب الأسماء والصفات.
ج- حذف الأحاديث الصحيحة.
د- كثرة إيراد الأحاديث الضعيفة محذوفة الإسناد.
هـ- إقحام آراء خلفية، قد برأ الله منها عمدة التفاسير كابن جرير وابن كثير.
و- إيراد قراءات شاذة والسكوت عليها.
إلى غير ذلك من وجوه العبث, والكذب، والاختلاق, والجهل المزمن، ومن نظر في المراجع الكاشفة المذكورة قامت أمامه الأدلة المادية على ذلك.
وعليه فأنصح كل مسلم بعدم اقتناء هذين الكتابين صفوة التفاسير ومختصر تفسير ابن كثير أو العزو إليهما لفقد الثقة من كاتبهما لما سمعت وأخُبر ثَقلُه(4). اهـ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لا لعاً لها: دعاء بالتعاسة على هذه البلية.
2- الوصمة والعاب: العار.
3- النعاق: الصياح.
4- أخبر ثقله: هذا مثل يضرب في ذم بعض الناس الذي ظاهرهم حسن وباطنهم سيء، ومعناه: اعلم حقيقة أمر من تعاشر فإذا علمت حقيقته كرهته، والقلا: هو الكره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *