دعوى تعصب أهل السنة لمذهبهم ولعلمائهم وغلوهم فيهم

المستفيض عن أهل السنة، أئمتهم وأتباعهم، مقت التعصب والغلو أياً كان، ولذلك قد يصفعهم أهل الأهواء الذين يغلون في الرجال بأنهم (جفاة).
كما أن أهل السنة يثنون على علمائهم ويقتدون بهم بحق، كما أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وليس هذا غلواً.
أمَّا ما يحدث من بعض علماء السنة وبعض طلاب العلم فيهم أو عوامهم من غلو أو عصبية قد تخرج عن الحد الشرعي، فهو من الأخطاء الفردية، فيجب أن لا تحسب هذه الأخطاء على المنهج نفسه، أو على أهله بجملتهم، إنما تقاس الأمور بالمناهج والقواعد والأصول، وما عليه أهل العلم والاستقامة والقدوة في الجملة، وترد إلى أدلة الكتاب والسنة.
كما أن غلو بعض المنتسبين للسنة في علمائهم جهلاً أو إفراطاً، فإنه إن حصل فهو لا يصل إلى العبادة والتقديس واعتقاد العصمة، كما عند غيرهم، فهو -أعني الغلو والتقديس- عند غيرهم هو الأصل.
كما أن هذا -أعني الغلو والتقديس- نادرٌ جداً ليس عليه إلا الشاذ، وهو مردود أيضاً لا يقر عند جمهور أهل السنة فلا يحسب على النهج والعموم.
كما أن هذا لم يحدث من العلماء القدوة والأئمة الكبار -بحمد الله- إلا في زلات نادرة، أو تعبيرات شاذة -ومع ذلك- فإن أهل السنة إذا حدث هذا ممن ينتسبون إلى السنة أو غيرهم، أنكروه ولم يقروه، كما فعل الشيخ بكر أبو زيد في المناهي اللفظية ص:(488،489) حيث أنكر بعض العبارات التي أطلقها البعض في حق بعض أئمة السلف.
أما أهل الأهواء -نظراً لأنهم مفرَّطون في اتباع السنة- فمن الطبعي أن يصفوا التمسك بالسنة غلوّاً وتعصباً وتحجراً ونحوه ذلك.
وزعموا أن أهل السنة يشهدون لمن يوافقهم بالعدالة ويجرحون من يخالفهم.
وهذه فرية وجهل كبير، فإن أهل السنة اعتمدوا للجرح والتعديل قواعد شرعية دقيقة، ومقاييس علمية منضبطة حفظ الله بها السنة إلى قيام الساعة.
وميزان الجرح والتعديل لدى أهل الحديث، أهل السنة يقوم على العدل وعلى الموازين الشرعية.
ورد رجال الحديث للرواة الذين ينتسبون لأهل البدع والأهواء إنما كان لحماية السنة من الأهواء، لا لمجرد كونهم من المخالفين، ولا لمجرد الانتماء، مع العلم أن الانتماء لغير السنة أمر قادح، ومع ذلك لا يردون رواية المبتدعة مطلقاً؛ إنما يردون رواية المبتدع الداعي إلى بدعته، أو إذا كانت الرواية تنصر بدعته وتوافق ما يذهب إليه. (حراسة العقيدة للدكتور ناصر العقل).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *