مطالب زوار الأضرحة! هل تلبى وكيف؟ الدكتور محمد وراضي

جاء في كتاب “الأزهار العاطرة الأنفاس، بذكر بعض محاسن قطب المغرب وتاج مدينة فاس” لمحمد بن إدريس الكتاني: ..”منها ما يحصل عنده من إجابة الدعاء ونجح المطالب الدينية والدنيوية، والحكايات بذلك مستفيضة كثيرة، ونصوص العلماء به شهيرة”!
و”منها ما نقل عن غير واحد من الخواص من أنه وقع له أنه طلب منه عنده في حرمه شيئا من الدراهم ونحوها (الذهب أو الفضة أو الماس) فوجد ذلك في يده حسا في الحال، يقظة لا مناما”!
وبما أن مدينة فاس تعج بالعاطلين عن العمل في وقتنا الراهن، فلماذا لا يوجه القيمون على تدبير الشأن الديني كل عاطل بها وبغيرها من مدن المملكة إلى مرقد إدريس الثاني ليتلقوا من الأموال ما ينتفعون به، ريثما تفتح أمامهم أبواب الشغل التي وعدت حكومة بنكيران بفتحها أمام أكبر قدر ممكن من البطاليين البؤساء؟
ومن مزايا المزور المقدس في قلب العاصمة العلمية يقول نفس الكاتب: “ما ينقل عن غير واحد من الناس من استغاثتهم به في بعض ما ينزل بهم من الشدائد وهم في أقطار متباعدة. فيفرج الله عنهم ببركته. والحكايات بذلك كثيرة لا تنحصر”!
و”منها ما حكي عن بعض العلماء من أنه كان إذا أضره الفئران في كتبه شكاهم له، فيرفع الله عنه ضررهم. حكي ذلك في “تحفة الإخوان بمناقب أهل وزان”! وربما صحت هذه الحكاية العجيبة قبل اختراع سموم تفعل في الفئران وفي الجردان فعل النار في الهشيم!
و”منها ما يذكره كثير من الناس من ذهابهم إليه واستشفائهم به فيما ينزل بهم من الأمراض المعضلة التي يعجز الأطباء عن معالجتها فيشافيهم الله ببركته! بحيث يكون على المرضى الفاسيين وعلى مرضى سكان مدينتهم من غير أهلها التوافد على ضريح قطب المغرب القادر على علاج كل ما يصاب به الإنسان في بدنه وفي عقله ونفسه!
وقد ذكر في “الدّر النفيس” أن رجلا كان به فتق قد أوجعه وآلمه كثيرا فجاء إلى قبره وجعل الفتق على تفاحة دربوزه وتضرع وبكى، فأقسم بالله أنه ما قام عند القبر حتى شفاه الله منه (بدون عملية جراحية). ولم يعاوده وجعه ولم يبق له أثر”!
وذكر فيه أيضا “أن آخر كان مريضا بوجع المفاصل، وأعجز مرضه الأطباء، بل قال بعضهم إنه هالك. فرأى في المنام هذا الإمام وهو يقول له: قم نعطك الدواء، فمشى معه إلى أن وصل جامع الشرفاء، فأتى به إلى الحلاب الذي يذهن الناس من زيته للمرضى وقال له: هذا الدواء! فلما أصبح ادهن بزيته فشفاه الله بعد ثلاثة أيام”!
ومنها -كآخر مزية له- “انتشار نسله المحمدي في جميع أقطار الأرض ونواحيها، وخصوصا في المغرب، انتشارا عظيما لا يكاد يوجد لغيره. وكان منهم العلماء والعاملون والأولياء الصالحون والأقطاب والأوتاد والزهاد والعباد. وغيرهم من أهل الخير والدين والورع واليقين.
وحصل للناس على أيديهم من الاهتداء والرشاد والتوفيق للطاعة وللخير، ما لا يكيف ويحد. فربح الناس بسببه في سائر الأقطار والبوادي والأمصار. وكانت أجورهم الصالحة كلها في ميزانه، وأعظم بذلك من غاية ربانية وكرامة إحسانية رضي الله عنه ونفعنا به! ولو تتبعنا هنا من كان من ذريته ممن هو متصف بوصف العلم أو الصلاح أو الخير والدين وانتفاع الناس به غاية الانتفاع، لخرجنا عن المقصود. وانظر إلى الشيخ مولانا عبد السلام بن مشيش، وتلميذه الشيخ أبي الحسن الشاذلي، شيخ الطريقة الشاذلية بالمغرب، والشيخ أبي الحسن بن ميمون بالمشرق، ونظرائهم ممن تقدم عصره. وإلى الشيخ الكبير والغوث الشهير مولانا عبد العزيز الدباغ، والعارف بالله القطب الأشهر مولانا علي بن عبد الرحمن العمراني الملقب بالجمل، وتلميذه القطب مولانا العربي بن أحمد الدرقاوي، والقطب الكبير والعلم الشهير مولاي عبد الله الشربيني الوزاني دفينها، والأقطاب من أولاده وغيرهم ممن يكثر جدا ممن تأخر عصره، وكثر الانتفاع به في سائر أقطار الأرض”!
والأدهى والأمر بخصوص ما تضمنته المزية الأخيرة من مزايا إدريس الثاني، هو تصدر آل البيت هؤلاء الواردة أسماؤهم تباعا للاشتغال بالبدع، إن على المستوى النظري وإن على المستوى العملي. فعبد السلام بن مشيش في الصلاة التي ألفها والمنسوبة إليه يطلب من ربه أن ينتشله مما سماه بـ”أوحال التوحيد”! يقصد التوحيد كما يفهمه عامة المسلمين… انتصارا منه لعقيدة الصوفية المتمسكة بوحدة الوجود!
ويأبى الشاذلي تلميذه إلا أن يكذب على الله وعلى الرسول، فقد ادعى أن الرسول هو الذي أملى عليه “حزب البحر” -وهو أحد أوراد أتباعه- ثم ادعى أنه لم يكتب حرفا واحدا من “حزب البر” إلا بإذن من الله ورسوله!
أما الدباغ صاحب “الإبريز”، فغارق في الظلام الصوفي إلى حد الزندقة! بحيث إننا لو مضينا في تقديم ترهات من تقدم ذكرهم منذ حين، للزمنا تخصيص مجلدات ضخمة لمشايخ ولمريدين، نرى أنه صلى الله عليه وسلم متبرئ منهم دنيا وأخرى. وهم مع ذلك من سلالته الطينية لا الروحية فحسب، كبقية المؤمنين!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *