لا ريب أن لكل داء مهما عظم دواء، لكن ولخطورة انحراف الشباب يتطلب القضاء عليه تضافر الجهود على كل المستويات، ومن الحلول المقترحة:
1- تحمل الآباء مسؤوليتهم الكاملة في التربية قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ” (النبي)، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: “ووقاية الأهل والأولاد بتأديبهم وتعليمهم وإجبارهم على أمر الله”.
فليقم كل أب يريد السلامة لنفسه وأهله وولده بتنظيف بيته من كل وسائل الفساد وليستبدلها بوسائل الإصلاح، وليكن حازما في تربية أسرته بنين وبنات على ما يرضي الله رب الأرض والسموات.
وليعلم أنه راع في بيته ومسئول على ذلك، كما قال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”
2- إزالة الحصار المفروض على العلماء والدعاة حتى يقوموا بواجبهم أحسن قيام ويؤدوا الميثاق الذي أخذ عليهم، قال تعالى: “وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ” آل عمران.
3- قيام المسئولين بدورهم الإيجابي في البناء لا أن يكونوا أداة هدم، وبدلا من أن يرخصوا لأصحاب معاقل الفساد ومساعدتهم على فتح أوكارهم التي تغص بالمنكرات من اختلاط وخمور ومخدرات، كما يحدث في كثير من البارات ودور الرقص والحانات، عليهم أن يتقوا الله ويوفروا المساعدة الكافية وييسروا فتح المساجد ودور القرآن التي لا هدف لها إلا الرجوع بشباب الأمة إلى دينهم وإنقاذهم من موجات الدمار والفساد.
4- تفعيل وسائل الإعلام، وبخاصة المرئية منها، وإصلاحها لكي تؤدي دورها الرائد في التوعية والتوجيه، وألا تجاري القنوات الفضائية التي كثيرا ما تعمل على إشاعة الخلاعة والمجون، حتى أصبح ذلك رسالة لها في كثير من محطاتها.
5- ردع الكتاب العلمانيين الذين دأبهم تضليل الأمة بإشاعة الاتجاهات العلمانية، وتضليل الشباب، ومهاجمة الشرع وأهله بدون وجه حق إلى درجة أن أصبح السمت الإسلامي عندهم علامة على التطرف والإرهاب كما تشهد لذلك كتبهم وجرائدهم، والتي أضحت في المقابل منبرا لنشر الرذيلة والفاحشة بين الشباب، وجريدة الأحداث وبابها “من القلب إلى القلب” أكبر شاهد على ذالك.
6- الرفقة الصالحة، فعلى الشباب أن يعوا أهمية هذا الأمر وأنه من أهم الوسائل في إنقاذهم من طرق الانحراف والضلال، فعليهم أن يتحروا اختيار الأصحاب الصالحين والجلساء الناصحين، فالمرء معتبر بقرينه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”، وقال عليه الصلاة والسلام: “المرء مع من أحب”، وقال:” من تشبه بقوم فهو منهم”، قال بعض الحكماء: نبئني عمن تصاحب أنبئك من أنت .
وما أحسن قول الشاعر:
واختر من الأصحاب كل مرشد *** إن القرين بالقرين يقتدي
إذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم *** ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
7- من أعظم الوسائل لمواجهة الانحراف، طلب العلم الشرعي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين”، وقال جل في علاه: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ”، فالعلم -كتاب وسنة- نور تبصر به القلوب وبه يكون الفرقان بين الحق والباطل، قال تعالى: “وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا..” (الشورى)، وبطلب العلم يصبح الشاب أداة بناء ورقي داخل أمته بدلا من أن يكون سبب تخلف وركود.
8 – إصلاح مناهج التعليم في جميع المستويات ووضع حد للاختلاط بين الجنسين…
هذه بعض الحلول التي ستساهم لا محالة في الخروج من دائرة الانحراف التي سقط فيها كثير من شبابنا، لكن لن يتسنى ذلك إلا بتحقيقها على أرض الواقع.
كلمة للشباب:
فيا شباب الإسلام ويا أمة القرآن، أنتم جيل المستقبل، بكم تقوم الأمة، فقوموا وانفضوا عنكم غبار الشهوات والملذات، وتمسكوا بكتاب ربكم وسنة نبيكم ففيهما النصرة والفلاح.
ولايغرنكم الغرب بعولمته ومدنيته، فوالله إن ذلك كله كالسراب “يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ” أو”أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ” (النور).
ليكن قدوتكم أفضل الخلق محمد صلوات ربي وسلامه عليه وأصحابه الكرام، فبالإقتداء بهم يرجع المجد المفقود والانتصار على كل حقود من أعداء الدين على مر العقود.
إننا وإياكم إخواني وأخواتي من شباب أمتي علينا أن نعي دورنا في هذه الحياة كما وعاها سلفنا الصالح وألا يقتصر دورنا في تحقيق رغبات الجسد الفاني والتنافس على الملذات والشهوات، ولنعلم أننا خلقنا لأمر عظيم وحملنا أمانة عرضت على السموات والأرض والجبال فأشفقن منها، خلقنا لنعبد الله وحده لا لنعبد شهواتنا، قال تعالى:”وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ” (الذاريات).
لنسلك طريق الله المستقيم، ولنأخذ بكل الأسباب التي تجعلنا ملازمين لهذا الصراط ولنحذر كل ما قد يوقعنا أو يقربنا من طرق الزيغ والانحراف.
“َأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”.
ناصر عبد الغفور