لقد عرف التاريخ أقواما غيروا وبدلوا في دين الله واغتر بهم فئام من الناس، وإن ما حدث بالأمس يحدث اليوم، إننا من قرابة قرن من الزمان نعيش صحوة إسلامية تهدف إلى تصحيح المفاهيم والتصورات في أذهان الناس، وتحكيم شريعة رب العالمين في حياة الناس، كي تعود كما بدأت (خلافة راشدة على منهاج النبوة)، وقد التحق بالصحوة بعض (التائبين) ممن تغذوا على موائد الشرق الملحد والغرب المشرك، وقفوا بين الصفوف يدّعون (العقلانية) وأنهم (المتنورون)، وأنهم (مفكرون).
إنهم لم يتتلمذوا على يد شيوخنا، ولم يشربوا من مائنا بل جاؤوا إلى تراثنا وقرؤوه بخلفيتهم الفكرية السقيمة وراحوا يتكلمون في أصول الدين، في الولاء والبراء، وفي تنحية الشريعة ومن ينحون الشريعة، وأهل الذمة، والحجاب..
فمنهم من يقول: أن الخلافة فترة تاريخية كانت ولن تعود، وأن علينا التفكير بشكل آخر يتفق مع مستجدات العصر!
ومنهم من يقول: أن المسلمين لا يفضلون على غيرهم فقط لكونهم مسلمين، وربي أعلم منهُ وأحكم، قال الله تعالى: “أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ، مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ، أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ، إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ”.
ومنهم من يقول: أن الحكومات العلمانية التي تحكم الدول الإسلامية تطبق الشريعة الإسلامية تطبيقاً غير كامل يعذرون فيما انتقصوه.
ومنهم من يقول: الفاروق عمر هو العلماني الأول في الإسلام!
ومنهم من ادعى أن الحجاب عادة جاهلية لا علاقة لها بالإسلام، وزعموا أن الاجتهاد من حق الكل تماماً كالجهاد.
وقد فرح بهم بعض شياطين الإنس في الإعلام فأفسحوا لهم ليتكلموا للناس، فملئوا الفضاء بهرائهم، وشوشوا على أهل الوضوء والصلاة.
ومدّ إليهم بعض إخواننا (التوفيقيين) أيديهم يقولون: طاقات لا بد أن نستفيد منها، وعقول (جبارة) كيف نوصدها.
ونحن نقول بقول الله جل وعلا: “لََوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ، وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ” (التوبة47)، وقد خرجوا فينا وأوضعوا خلالنا الفتنة، فما يُستهلك في نقاش قضايا الداخل الإسلامي أكثر مما يصرف للخارج.
لقد تأرجحت الصحوة في مكانها، ولم تعد تعرف موقفها الصحيح في كثير من القضايا التي تواجهها اليوم بسبب شوشرة هؤلاء، ولكن أين من يعقل ويتدبر؟!
أين من يقرأ التاريخ؟!