انحراف الشباب: الأسباب والعلاج (1) ناصر عبد الغفور

قال الله تعالى : “كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ” آل عمران.

فهل يعقل أن أمة أخبر الله بخيريتها وبأفضليتها على سائر الأمم، أن يكون أهم عنصر فيها وعماد نهضتها ألا وهو شبابها قد انغمس في الشهوات وتثاقل على الطاعات، آثر اتباع الغرب عن إتباع الشرع، بدلا أن يكون قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وغيرهم من سادات العالم، جعل قدوته المغنيين والاعبين والممثلين، حتى أن بعض شبابنا تجدهم يقلدون محبوبهم من هؤلاء المنحرفين عن صراط رب العالمين في لباسه وتسريحة شعره بل وفي مشيته، أقبلوا على القنوات وما فيها من المسلسلات والأفلام الخليعات وتركوا المساجد وأماكن الخيرات، وتزاحموا في المقاهي ودور السينما وأماكن الفساد، نسوا أنهم من أمة أنجبت قادات، آثروا رفقاء السوء لما يزيِّنون لهم من الشهوات ونفروا من كل جليس صالح لما يذكرهم به من الموعظات.

أما فتيات أمتنا فحدث ولا حرج، التبرج سمة الكثير منهن إلا من رحم الله، نبذن الحجاب والخمار وأقبلن على لباس بعيد عن كل علامات الحشمة والوقار، بدلا من أن يتنافسن في حفظ كلام الرحمن وما فيه من الآيات أثرن سماع الألحان وحفظ الأغنيات، تركن الإقتداء بالصحابيات والتابعات واتبعن الماجنات من الممثلات والراقصات. فكيف نروم النصر وأكثر شباب أمتنا بهذه الحال؟ أين شباب أمتنا من مثل علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد وخالد بن الوليد وابن عمر وابن عباس..، وأين نسائنا من مثل عائشة وحفصة وأم سليم وأسماء ذات النطاقين..؟ ألم يعلموا أن عماد نهضة كل أمة وشرايينها التي تقوم عليها هم شبابها؟ فهم رجال المستقبل المنتظر، منهم الذود عن مقدسات الأمة والتضحية بكل غال ونفيس في سبيل رخائها وسعادتها وعزها وكرامتها.

فما هي الأسباب الكامنة وراء انحراف معظم شبابنا عن النهج القويم والصراط المستقيم، وكيف المخرج؟

من أسباب الانحراف في صفوف الشباب:

  1.   البعد عن الله وعن كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فراغ القلب والروح من غذائهما ألا وهو كلام الله وكلام رسوله، قال تعالى: “وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا” الشورى.
  2.  إهمال الآباء تربية أبنائهم، فكيف يرجى صلاح أبناء ولدوا ثم تركوا هملا، فلا أب يراقب ولا أم تنصح، الكل اهتم بالإشباع المادي على حساب الإشباع الروحي، وكيف نأمل استقامة أبناء وجدوا منازلهم مرتعا لكل وسائل الفساد من قنوات ومجلات…
  3.  فساد وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، فبدلا أن تكون هذه الوسائل أداة إصلاح لشباب الأمة، صارت أداة تدمير روحي وعقدي وخلقي لكثير من هؤلاء الشباب.
  4.  العولمة وما أدراك ما العولمة، هذا السم القاتل الذي ذهبت ضحيته هوية المسلمين وذابت في هوية الغربيين، حيث أصبحت أرض المسلمين مجالا خصبا لكل وسائل الفساد القادمة من الغرب والتي تدخل ترابنا بكل يسر وسهولة تحت إطار العولمة ففتحت أبواب العبث والانحلال على مصاريعها. لقد نسجت العولمة خيوطها على أمتنا لتصطاد الضعفاء من أبنائها، وقد نجحت في ذلك حيث جذبت إليها شبابنا كما جذبت النار سرب الفراش فتهافت فيها واحترق بلهيبها.
  5.  الإنترنت – وهو نموذج عن العولمة الإعلامية – سلاح ذو حدين لكن للأسف معظم الشباب أخذوا بالحد القاطع ليقطع صلتهم بكل مقومات العقيدة والدين، فانغمسوا في مواقع الفساد بكل أشكاله بدلا من أن يستفيدوا من المواقع الإسلامية وما أكثرها.
  6. التضييق والحصار المفروضان على العلماء والدعاة إلى الله، والذين لا يجدون بالتالي المجال الكافي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتوجيه الشباب، ففي الوقت الذي تغلق فيه أبواب كثير من المساجد ودور القرآن الكريم التي أخذت على عاتقها تربية الشباب التربة الإسلامية، لا يجد المسئولون أدنى حرج في الترخيص لأصحاب البارات ودور السينما لفتح أوكارهم ومعاقل الفساد للقضاء على ما بقي لدى الشباب من مقومات.
  7.  انتشار التيار العلماني في الأمة انتشار السم في الجسد، حيث أن العلمانيين أعطيت لهم الفرصة، وفتح لهم الباب على مصراعيه لبث أفكارهم الهدامة بين صفوف الأمة، وإعطاء صورة مشوهة، عبر جرائدهم ومنابرهم، عن الدين والملتزمين به علامة، فكل من التزم بشرع الله لقب بالإرهابي في نظرهم، وهذا ليس بالغريب عن العلمانيين فمخططاتهم لا تهدف إلا لتدمير الشخصية الإسلامية.
  8.  المدارس المختلطة بين الجنسين وبخاصة في الجامعات والثانويات، ووضع المناهج المختلطة، لا شك أنها وسيلة لإشاعة الفاحشة بينهم وتقوية الدوافع إليها، بشكل يتهدم معه الوازع الخلقي في نفوسهم. فكيف نأمل وقاية شاب يجلس صباح مساء بجانب فتاة قد أرسلت شعرها وتعطرت وارتدت لباسا كاشفا عن مفاتنها؟ والله إنها دعوة سافرة للفاحشة.
  9.  الرفقة السيئة، فكم من شاب انحرف عن الصراط القويم والوقوع فيما يغضب رب العالمين نتيجة رفقاء السوء، وكما يقال الصاحب ساحب، والمجالسة تجر إلى أخلاق الجليس.
  10. فساد مناهج التربية والتعليم، فبدلا أن تكون هذه المناهج مناهج إصلاح وتقويم صارت تحاكي مناهج الدول الغربية، خاصة في الثانويات والجامعات، حيث يتم تقليص كل المواد التي لها علاقة بالدين بل لا تجد أثرا لهذه المواد في معظم شعب التعليم العالي والله المستعان.

هذه بعض أسباب انحراف شبابنا وفي العدد المقبل إن شاء الله تعالى سنذكر بعض الحلول المقترحة كعلاج لهذا الداء.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *