بلغ التعصب العرقي في المغرب مداه وبشكل خطير ومثير للقلق، ورفع كل جنس عقيرته مطالبا بحقوقه ومستحقاته، وأبرزُ الدعاة لذلك بعض العلمانيين اللادينين من بني جلدتنا “البرابرة”. ارتكزوا في دعوتهم على بعض النزعات الجاهلية عند البرابرة “الشلوح” كالدعوة بأنهم أهل الخير والكرم والجود والتواضع والوفاء.. وغيرهم أهل مكر وخداع.. حتى أن بعض المُتعصبين منا يصرُّ على عدم التزوج من غير بني جنسه، وإن خالفهم أحد فتزوج من غيرهم سقط من أعينهم.
وتراهم كالغرباء في بلادهم لما حملوا في قلوبهم من غيظ على غير بني جنسهم، يعدون من كان أصله بربريا ونشأ في المدينة ولم يتعلم البربرية قد فاته الكثير، ويتأسفون على ذلك أشد مما يتأسفون على من فاته حفظ ورده من القرآن. نعم إن الناس يختلفون فقد تجد من طبائع بعض القبائل أنهم مخادعين كذابين قد لا يصلون، وآخرين متكبرين متأففين يحقرون كل من كان دونهم، لكن كل هذا لا يسوِّغ لنا الحكم على أن كل من كان غير بربريا فهو من هذا الصنف، قال تعالى: “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ”. ثم إن هذا التعصب الذي رسخ في هذه الطبقة عبر عقود من الزمن منشؤه من أعداء الإسلام، وما إنشاء الضهير البربري إلى دليل واضح على ذلك، فأعداء هذه بلاد من الداخل والخارج لا يرجون لها إلا الفرقة والشتات، وما تركيزهم ودعمهم للأقليات سواء داخل المغرب أو خارجه إلى دليل على ذلك.
قال تعالى حاكيا عن إبليس: “أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”، قال القرطبي رحمه الله في تفسيره: “أي منعني من السجود فضلي عليك”، فاستكبر مستندا لأصله, فتنبه. وقال تعالى: “أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً”. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر”. ولقد رأينا كيف مزق التعصب العرقي الشعب الواحد في الصومال، وفي أفغانستان، كما أنه كان من أهم عوامل اشتعال الحرب العالمية الأولى والثانية نتيجة العقائد العرقية للشعب الألماني، وعموما فجراثيم التعصب العرقي لن تنجح إذا وجدت عندنا مناعة فكرية وإيمانية ووعي سياسي، واقتصادي وانتماء حقيقي لوحدة المسلمين.
وهو فوق كل هذا أحد معوقات التنمية سواء على المستوى الوطني أو الدولي، فأغلب خطط التنمية تعيش في دوائر عرقية وطنية مما يمنع تحقيق القفزات التنموية سواء كانت اقتصادية, أو سياسية أو تكنولوجية, أو إدارية, أو ثقافية، ولعل أخطر ما في التعصب العرقي أنه عدو مجهول, أي لم يدرك الكثيرون إلى الآن خطورته وآثاره المدمرة, فالكثيرون يعتبرونه جزءاً من الانتماء القبلي أو القومي ولهذا يتمسكون به, بل يدافعون عنه, وهم لا يشعرون أنهم يدافعون عن الباطل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لينتهين أقوام يفخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم جهنم، أو يكونن أهون على الله من الجعل الذي يُدَهدِه الخرء بأنفه، إن الله أذهب عنكم عبّـِيَّة الجاهلية، إنما هو مؤمن تقي، وفاجر شقي، الناس كلهم بنو آدم، وآدم خلق من تراب” الترمذي وأبو داود.