روى لي صديقي مرة قصة جعلتني أبكي من شدة الضحك، إنها قصة غبي أراد أن يحاكم التاريخ لا لشيء إلا أنه تاريخ أبيض ناصع لم يلطخ بدناسة الهوى، أو لأنه لم يرضع من ثدي الغرب لينتج لنا أدبا ساخرا بما يحمله من قاذورات تشتم رائحة العفن فيها من أول هبة ريح.
لن أطيل عليكم، هذه قصة هذا المتذاكي: لقد تخيل صاحبنا أنه عاد لزمن المعتصم ولأنه أكثر واقعية من المعتصم ومن التاريخ نفسه الذي حمل لنا قصة فتح عمورية راح يسرد لنا القصة (الحقيقية) كما تخيلها! لا كما رواها لنا التاريخ الفاسد.
إن صاحبنا استغرب من قيام حرب من أجل صرخة فتاة دوت في أذن المعتصم، وزاد من حيرته وأقلق مضجعه كيف استطاع هذا الجيش الذي خرج بدون استعداد كما يرى صاحبنا الانتصار على جحافل الروم، لا بل ودك أعتى حصونهم، إنه أمر لا يقبله عقل، ومسألة فيها نظر، فإما أن يكون التاريخ قد زيف لنا الحقيقة ووقف مع هذا الرجل المسلم العربي الشهم عندما أراد أن يعيد هيبة وجلال الإسلام المتمثل في المرأة المستغيثة، أو أن المعتصم قد خدع التاريخ بأسره لأنه أعد لهذه الحرب عدتها لكن كان ينقصه المبرر لها فاستخدم هذه الكذبة! التي تدغدغ مشاعر الغيرة وتثير حمية العربي، وخرج صاحبنا البطل بانتصار مدوي وفاتحة الفتوح!
نعم إن التاريخ شوه الحقيقة، لقد قال لنا التاريخ: أن الإسلام كان عزيزا وهذا مزعج، لقد افترى التاريخ، فلقد حكى أن العربي يثور إذا مست محارمه حتى لو كان في ثورته هلاكه!
إذا لابد أن نعيد قراءة التاريخ من جديد لنصوغ بعقولنا الحقيقة كاملة دون تزييف. لكن بعد أن تتوفر الشروط التالية:
1ـ لابد أن يكون الإسلام مصدر الضعف والتخلف.
2 ـ لابد أن يصمت المسلم مهما حصل له وأن يتحلى بأخلاق السلام.
3ـ أن لا يقال شعر فيه تمجيد للمسلمين.
نعم استيقظ عقل صاحبنا لكن للأسف كانت هذه اليقظة بعد زراعة ناجحة لعقل غربي في جسد يقال أنه ينتمي لحضارتنا، وفكر يحمل راية الدفاع عن ثوابتنا التي لم يتعرض لها وإنما حاول أن ينزع عنها زيف الضلالة! ليقول لنا كفوا عن التغني بماضي جميل فلغتكم الشاعرية ستوقظ ذلك المارد الرهيب الذي أخشى أن يدمر كل ما بنته سيدتي..!
عبد الله أبو مسلم