عندما يقترب رمضان تكثر الإشهارات في التلفاز، إنها ليست إشهارات لمشاريع خيرية أو لدورات أو دروس علمية، بل هي إشهارات لأفسق وأخبث الأفلام والمسلسلات والبرامج، فإنه قد اقترب شهر منافسة القنوات (قنوات يمرر من خلالها الباطل) حول أفضل عرض، وكأن رمضان شهر عبادة الشيطان وليس شهر الخضوع والتذلل وعبادة الرحمان، شهر الصيام وحرمان النفس من ملذاتها من أجل رفع درجاتها فلماذا هذا التناقض بين الإقبال على العبادة وفي المقابل على وسائل اللهو الباطل، “ورب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش”.
أقبل رمضان وفي يومه الأول يتغير حال المسجد فدائما لا يمتلئ المسجد عن آخره إلا في الجمعة والأعياد، غير أنه في رمضان تمتلئ صفوفه الأولى قبل الآذان لتكتمل صفوفه الأخيرة في الشارع مع الإقامة، وهذا حال والله يفرح، ويجعل العبد يحس بالعز والفخر والقوة على زيادة الخير والطاعة، حتى ليتمنى لو أن أيام السنة كلها رمضان، فأين هذه الجموع في غير رمضان، أنشغلت بالدنيا عن الآخرة، أنشغلت بالبيوع وزهدت في الخشوع والركوع.. لماذا لا نحرص على الجو الرمضاني الذي يسمح للكثيرين من المحرومين من الصلاة في المسجد في غير رمضان؟ّ! “لا صلاة لمن سمع النداء فلم يجب إلا من عذر”.
يحرص الكثير من الناس عموما والشباب خصوصا على أداء فريضة الصلاة في شهر رمضان، لكن سرعان ما يضيعونها بعد خروج هذا الشهر المبارك، فكيف نحافظ نحن على هؤلاء الناس في المسجد (أي من المصلين)؟
إنه إذا حافظنا نحن على أداء صلواتنا الخمس مع جماعة المسلمين وفي المسجد، هذا الجو الإيماني هو الذي يشجع المتهاونين كي يحرصوا على أداء الصلاة! “العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر”.
يعيش العبد في رمضان جوا إيمانيا عاليا يتمنى لو يدوم، لكن كلما ابتعد رمضان إلا وتلاشت تلك النسمات الإيمانية والنفحات الربانية، فيعلم يقينا أن كثرة الطاعة والإبتعاد عن المعصية ثم الإقلال من المباحات هو العامل الأكبر في رفع إيمان العبد، فإذا أراد دوام ذلك فعليه أن يداوم كثرة الطاعات! “.. ما تقرب إلي عبدي بأحب مما افترضته عليه ولازال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه”.