في حديث أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصاه وأوصى الأمة بوصايا عظيمة وجليلة ومنها قوله: “..احفظ الله يحفظك..” رواه الترمذي في سننه وقال حديث حسن صحيح، والحديث في صحيح الجامع.
قوله عليه الصلاة والسلام: “احفظ الله” أمر جوابه “يحفظك”.
وحفظ الله جل جلاله بأداء حقوقه، وعدم مجاوزة حدوده، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه.
فمن حقق ذلك فهو حقيق بوصف الحفيظ الذي قال الله عز وجل عنه: “وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ”.
قال علماء التفسير: الحفيظ هو الحافظ لأوامر الله فيؤديه، والحافظ لذنوبه ليتوب منها.
قال عليه الصلاة والسلام: “الاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، وأن تحفظ البطن وما حوى” حسن لغيره.
فمن حفظ الله تبارك وتعالى حفظه الله جل وعلا لأن الجزاء من جنس العمل.
وحفظ الله جل وعلا للعبد على نوعين:
أولهما: أن يحفظ الله تبارك وتعالى العبد في بدنه ومالك وأهله وولده.
قال تعالى: “لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ”.
قال أحد السلف: “من اتق الله حفظ نفسه، ومن ضيع تقواه ضيع نفسه، والله غني عنه”.
وقال أحد السلف: “من حفظ الله في صغره، حفظه الله في كبره”.
ثانيهما: أن يحفظ الله تبارك وتعالى العبد في أمر دينه -وهو أشرف النوعين كما يقول أهل العلم-.
بأن يحفظ الله العبد إذا حفظه من الشهوات المحرمة والشبهات، ويحفظه حتى يخرج، وأن يحفظ قلبك عليك فيثبته على الإيمان ويجعله معلقا به سبحانه.
وجماع ذلك أن من حَفظ الله تبارك وتعالى كان الله معه ينصره ويؤيده كما قال تعالى: “إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ”، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام في وصايا لابن عباس رضي الله عنه: “…احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك”، وفي رواية: “…احفظ الله تجده أمامك”.
قال أحد السلف: من اتق الله كان الله معه، ومن معه الله معه الفئة التي لا تغلب، والحارس الذي لا ينام والهادي الذي لا يضل.
وقال أحد السلف: إذا كان الله معك فمن تخاف، وإذا لم يكن الله معك فمن ترجوا.