حث ديننا الحنيف على الرفق في التعامل مع الإنسان عموما بل والحيوان أيضا، وفي الحديث أن بغياً (أي: مومس) دخلت الجنة بكلب رأته عطشان فرحمته وسقته شربة ماء؛ فغفر لها بذلك ودخلت الجنة، ودخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض..، فديننا قد أغنانا عن قرارات الأمم المتحدة المتخبطة وإعلانات وقوانين حقوق الإنسان المتخلفة حول حقوق الطفل، بل سبق ذلك كله بأربعةَ عشر قرناً بحقوق عظيمة حقيقية لا مثيل لها في قوانين الدنيا كلها، في كل مناحي الحياة ومن ذلك حقوق الطفل؛ وضعت بحكمة عليم خبير رؤوف رحيم يعرف مصلحة الطفل ما ينفعه وما يضره.. بينما إعلاناتهم وقوانينهم تتناقض وتتخبط تبعاً لأهوائهم وانتمائهم ومرجعيتهم.
فالمادة (20) من الإعلان العالمي لحقوق الطفل تجيز التبني وتجعل حقوق الطفل المتبنى معادلة ومساوية لحقوق الابن الحقيقي.. وهو ما يمثل منتهى الظلم للأبناء الحقيقيين، منتهى الظلم بأن يشاركهم ويشاطرهم الأبناء بالتبني حقوقهم الشرعية قهراً دون رضا منهم بذلك.. ثم إذا هم قننوا ذلك وأقروه بإعلاناتهم فهل تقره الفطر السليمة وتستقيم معه العواطف الإنسانية؟
وهل لنصوص القانون سلطان على القلوب والعواطف والرحمة والفطرة الإنسانية التي زرعت في قلوب الآباء والأمهات..؟
ولأن ذلك لا يستقيم مع الفطر والعواطف فكم تطالعنا صحافتهم من انتهاكات له، خصوصاً مع قوم لا يؤتمنون على أولادهم الحقيقيين فكيف بغيرهم؟ فتلك أمريكية تقتل طفلها بالتبني لأجل أن أكل قطعة بسكويت خلسة دون إذنها، فتعاقبه بلف كامل جسده بشريط لاصق طوال الليل ولا تبرز من جسده إلا أنفه فيموت مختنقاً من الاستفراغ.. وأبوان يسيئان معاملة أطفالهما بالتبني ويستعملانهم كالعبيد، وآخران يستغلانهم جنسيا.. إلى غير ذلك مما تطالعنا به صحافتهم كل يوم.
أما ديننا العظيم فقد راعى الفطر في تشريعاته لأن أحكامه جاءت من لدن خالق الإنسان العالم بما ينفعه ويناسبه ويصلحه (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ)؟! (الملك:14)، ولذلك ألغى نظام التبني الذي كان موجوداً في الجاهلية وحث في مقابل ذلك على كفالة الأيتام وأمر بالإحسان إليهم، قال تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (الضحى:9)، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا” وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. وتوعّد الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما بعذاب السعير، وشرع الوصية لهم ولغيرهم ممن هم من غير الورثة..
فحافظ بذلك على حقوق الأبناء الحقيقيين في إرثهم أن تمس أو يساويهم فيها أحد غيرهم، وأبقى الباب مفتوحاً لفعل الخيرات بالوصية بحد معقول لغير الورثة..
أفيجوز لأمة عندها مثل هذا الدين العظيم أن تعرض عنه وتلتفت إلى إعلانات الغرب الساقطة أو شرائعه وقوانينه التي أهانت الطفل ولم تكرمه معنوياً ولا نفسيا، ولم تعبأ بضياع أصله ونسبه وانتمائه الأسري حين أجازت تولده من علاقات محرمة فجوّزت التناسل خارج رباط الزوجية (الزنا)، بل حطمت الأسرة بتجويزها الزواج المثلي وزواج الشاذين جنسيا؟