تغطية وجه المرأة وأعداء الستر والفضيلة رشيد مومن الإدريسي

لا يختلف أصحاب الفطرة النقية، أن الستر مأمور به في الشرعة الإسلامية كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}الأحزاب.

قال الإمام القرطبي المالكي رحمه الله عند هذه الآية :”أمر الله سبحانه جميع النساء بالستر..” الجامع لأحكام القرآن 14/215.
ويشمل ذلك الوجه كذلك على خلاف بين الفقهاء في حكمه هل الاستحباب والمشروعية أو يرتقي إلى مقام الإيجاب والإلزامية، ولم يقل أحد منهم بكراهية ستر المرأة لوجهها بله القول بحرمته!، بل الوفاق قائم على مشروعيته.
قال أبوحامد الغزالي في “إحياء علوم الدين” (6/159 مع شرحه) : (لم يزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن متنقبات) .
وقال الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (9/235-236) : (لم تزل عادة النساء قديمًا وحديثاً يسترن وجوههن عن الأجانب)
وقال محمد بن يوسف أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط (7/ 240) : (..وكذا عادة بلاد الأندلس لا يظهر من المرأة إلا عينها الواحدة”.
فهذا حكاية للإجماع العملي على مشروعية ستر وجه المرأة، وعليه فمخالفته خرق له وكما قيل: “الخرق خرق”.
كما أن القول بكراهية ستر وجه المرأة أو حرمته إحداث لقول ثالث، قال أبو المُظفَّر السَّمعاني -رحمه الله-: “لأنَّ إجماعهم على قولين إجماعٌ على تحريم ما عداهما. فلمَّا لم يجز خلاف الإجماع في القول الواحد؛ لأنَّه يتضمَّن تحريم ما عداه. فكذلك لا يجوز خلاف إجماعهم على القولين؛ لإجماعهم على تحريم ما عداهما. يدلُّ عليه: أنَّه قد ثبت أنَّ الحقَّ لا يخْرج عن الإجماع؛ فلو جاز إحْداث قولٍ ثالثٍ لم يعتقدوه، لخرج الحقُّ من أقوالهم؛ لأنَّا إذا جوَّزنا ذلك: فيجوز أن يكون الحقُّ في القول الثالث، وفي هذا إبطال الإجماع” قواطع الأدلة 3/266.
فالذين يدندنون حول تغطية المرأة لوجهها وينكتون بذلك ويستهزئون، ما هم إلا جهلة قد كشفوا بلسان المقال عن عوارهم وحقدهم على المرأة المسلمة، وعدائهم للعفة والستر والفضيلة، فلا النصوص الشرعية اعتمدوا، ولا الإجماع اتبعوا.
بل نقول مزيدا في الإلزام لهم: أن كثيرا من فقهائنا المالكية على خلاف ما ظنوا.
قال القرطبي المالكي رحمه الله في تفسيره 12/229: “قال ابن خويز منداد رحمه الله -وهو من علماء المالكية-: المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك”.
وقال محمد الحطاب رحمه الله في مواهب الجليل شرح مختصر خليل 2/ 181: “إن خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين”.
إن الكلام حول مسألة ستر المرأة لوجهها من هؤلاء الجهلة ما ورائه إلا الحرب على الستر والاحتشام عموما فكوني يا أختاه على حذر منهم فإنهم:

قالوا ارفعي عنك الحجابا **** أو ما كفاك به احتجابا
واستقبلي عهد السفور**** اليوم واطرحي الخمارا
عهد الحجاب لقد تباعد****يومه عنا وغابا

فألقميهم يا أختاه الحجارة وأخرسيهم قائلة:

فأجبتهم والضحك ملء فمي****ولم أعدم جوابا
مهلا فما هذا الذي****قد غرَّكم إلا سرابا
أو لا ترون الغرب كيف****غدا الرجال به ذئابا
أو لا ترون عرى الأخلاق**** تنشعب انشعابا
إن ترغبوا لنسائكم****صونا وعيشا مستطابا
فدعوا السفور لأهله****وارخوا عليهن الخمارا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *