كم كنا نتمنى أن يطالب العلمانيون بنقل التجربة الغربية في مجال البحث العلمي والتكنولوجي وتطوير الكفاءات والمهارات ودعم التكوين الذي يضمن للفرد مسايرة المستجدات الإقليمية والدولية، لكن للأسف فلا تكاد تذكر أسماؤهم إلا مقرونة بمطالب حرية الزنا واللواط والشذوذ والعري وحرية الردة ومعاقرة المحذرات والخمور.. !!!
فقد طالبت (مجموعة نداء الحريات): بـ”منظومة أخلاق جديدة قائمة على الحرية الفردية التي لا تتقيد بقيد شرعي أو قانوني، وتمكين أي أحد من اختياره غير الأخلاقي أو اللاقانوني، من أجل الدفع بعجلة المغرب الحداثي..!!”.
أما الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (في شخص رئيستها خديجة الرياضي): فتدعو دوما إلى “فصل الدين عن الدولة، وسموِّ المواثيق الدولية لحقوق الإنسان على القوانين الداخلية للبلاد”.
وبإلغاء “الفصل 389 من القانون الجنائي الذي يعاقب بالسجن الممارسة الجنسية المثلية باعتبار أنه إذا كانت بين راشدين تدخل في إطار الاختيارات الشخصية والحريات الفردية”.
وصرحت بمساندتها ودعمها للإفطار العلني في رمضان واعتبرت أن “هؤلاء الشباب الذين يطالبون بالسماح بالإفطار العلني في رمضان هذا مطلب نعتبره مطلبا حقوقيا يدخل أيضا في إطار الحريات الفردية؛ ولم ندعمهم فقط في حقهم في المطالبة بتغيير القانون وبتغيير الفصل؛ ولكن أيضا دعمناهم حتى في المطلب في حد ذاته؛ باعتبار أن الفصل 222 من القانون الجنائي أيضا من القوانين المجحفة في مجال الحريات الفردية بشكل عام”.
وأعربت أمينة بوعياش رئيسة المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في تصريح لجريدة المساء بخصوص الشواذ؛ أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار طبيعة الناس.. الذين لهم تركيبة فيزيولوجية خاصة، وهم أيضا لهم حقوق وواجبات. كما أن المرجعية الحقوقية العالمية تعطي الحق لهؤلاء في أن يكونوا متواجدين وأن يعرف الجميع ميولاتهم. اهـ
وأكد بيت الحكمة (في شخص رئيستها السابقة خديجة الرويسي؛ عضو حزب الأصالة والمعاصرة): على “المطالبة بإلغاء القوانين التي تعتبر أن الخمر لا يباع إلا للأجانب، أو التي يعاقب بموجبها مواطنون مغاربة على شرب الخمر أو اقتنائها، وتبني الموقف القانوني من الخمر في الدول الغربية غير المسلمة”..
أما عبد الصمد الديالمي (الباحث الجنساني): فاعتبر أنه “يجب أن نعيش تحررا جنسيا، لا قيود على الجنس، لأنه أكبر القيم التي نعيش من أجل تحقيقها، وهو أساس العلاقات والتواصل، ووضع القيود عليه سيشكل إكراها لتحقيق الذات، والمجتمع المغربي يعيش ذلك في الخفاء، ويحتاج أن يعلنه للجميع..”.
وشدد العلماني أحمد عصيد: أنه “من حق أي مغربي أراد أن يرتد عن الإسلام ويختار دينا جديدا من تمتيعه بهذا الحق، لأننا لا نمارس الوصاية على أحد، والإسلام ليس هو الدين الوحيد الذي ينبغي أن يتبع، ولا دين مقدس حتى يستحيل تغييره ورفض شرائعه”!!
فهم يطالبون علانية بحرية الردة والشذوذ والزنا ومعاقرة الخمور والإفطار العلني في رمضان.. وبمنظومة أخلاق لا تتقيد بقيد شرعي أو قانوني؛ أو بالأحرى فهم يطالبون بالعودة إلى مجتمع الغاب.
إننا حين نمعن النظر وندقق في فحوى ومضمون مطالب هذه الجمعيات والجهات؛ ندرك دون عناء أن هذه الفئة أصحاب عقول مستعمرة لم يستطيعوا حتى الساعة التخلص من الاحتلال الغربي لعقولهم؛ وأنهم حين يعبرون أو يصرحون فلا يصدرون إلا عن ميثاق الحقوق الغربية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ الذي وَضعَ مواده الثلاثين الإنسانُ الغربي سنة 1948؛ وبالضبط حين كان يحتل بلادنا ويقتل أجدادنا ويستنزف ثرواتنا وينهب خيراتنا؛ ولم يستشر الإنسان الغربي -صاحب الأنا المتضخم- حين وضعه لبنود هذا الإعلان -الذي يدافع عنه العلمانيون باستماتة غريبة- أحدا ممن كان يعتبرهم بربرا وهمجا وإرهابيين!!
المثير أن العلمانيين حين يسوقون للمفهوم الدخيل للحريات ويبشرون بالنموذج الغربي في هذا المجال، لا يعرجون على الآثار السلبية لهذا المفهوم داخل تلك المجتمعات، ويصمون آذانهم عن صرخات وأنين الغرب جراء ما جناه من تسيب أخلاقي وانحراف السلوكي يستنزف ميزانيته ويهدد بقاءه.