مقدمات بين يدي صيام شهر رمضان

لا يخفى على المسلم أن الصيام عبادة من العبادات التي شرعها الله تعالى، ورغب فيها؛ قال سبحانه: {وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليك بالصيام فإنه لا مثل له»
وأعظم الصيام صيام رمضان الذي فرضه الله: لقوله تعالى: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه…».
وهو ركن من أركان الإسلام:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت».
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».
قال الخطابي: “قوله: «إيمانا واحتسابا» أي نية وعزيمة؛ وهو أن يصومه على التصديق والرغبة في ثوابه، طيِّبةً به نفسه، غير كاره له ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه”.
فلا بد للمسلم في صيامه من استحضار نية التقرب إلى الله والرغبة فيما عنده من الأجر والثواب، ولا يكون صومه مجرد عادة ألفها وإرث ورثه أو رياضة أو ممارسة يقوي بها جسمه، فضلا عن كونه يحرم عليه أن يصوم للتسميع وإظهار التعبد والتنسك.
ولابد له أيضا مع استحضاره لنية التقرب إلى الله، أن يكون صومه وفق ما شرعه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
فللصيام أحكام وآداب ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يعلماها حتى يتقربا إلى الله عز وجل بهذه العبادة على علم. فلا يعبُدان إلا الله ولا يعبُدان الله إلا بما شرع.
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا انتصف شعبان فلا تصوموا».
في هذا الحديث دليل على تحريم صيام ما بين النصف من شعبان ورمضان، والحكمة من هذا النهي -والله اعلم- أن يُمَكّن الناس من الاستعداد لصيام رمضان؛ فإنهم إذا صاموا شعبان كله، أو الأيام الخمسة عشر الأخيرة منه، قد يستثقلون صيام رمضان، سيما آخره الذي يشرع مضاعفة الاجتهاد فيه.
وعن أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه قال: «لا تَقدَّموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا أن يكون رجل كان يصوم صياما فليصمه».
فلا يجوز صيام يوم الثلاثين من شعبان -وهو يوم الشك- إذا لم تثبت رؤية الهلال ليلته.
ويُستثنى من هذا الحكم ومن الذي قبله (تحريم صوم ما بعد النصف من شعبان)؛ من كانت عنده عادة صيام بعض الأيام كالاثنين و الخميس، فإنه يجوز له أن يصومها ولو بعد النصف من شعبان ولو كان ذلك قبل رمضان بيوم أو يومين.
ويثبت دخول شهر رمضان برؤية هلاله أو بإكمال عدة شعبان:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فان غُمّ عليكم فاقدروا له ثلاثين».
وتثبت رؤية الهلال بشهادة رجل واحد عدل، عند الجمهور:
عن ابن عمر قال : «تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته، فصام وأمر الناس بصيامه».
ويثبت أيضا برؤية امرأة عدل عند الجمهور من الحنفية والحنابلة والظاهرية والشافعية في وجه، ورد المالكية خبرها في ذلك.
ومن رأى الهلال وحده، إذا كان في مكان ليس فيه معه غيره صام، وإذا كان مع الناس، ورُدّت شهادته، فلا يصم إلا مع الجماعة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *