بيان أمور لا يفطر بسببها الصائم

وهي:

 الأكل والشرب ناسيا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه» .
وفي رواية: «من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة» .
 الجماع ناسيا: لا يفطر عند الجمهور لعموم قول الله تعالى: “رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا” .
 الجنابة من جماع: فمن أصبح جنبا لا يفطر؛ لما ثبت عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنبا من جماع غير احتلام ثم يغتسل ويصوم» .
ولكن لابد أن يغتسل قبل طلوع الشمس ليؤدي صلاة الصبح في وقتها.
 الاحتلام: نقل العلامة ابن تيمية الإجماع على أن من احتلم بغير اختياره كالنائم لم يفطر .
 خروج المذي أو الودي: بسبب أو بغير سبب، وذلك لعدم الدليل على كونه مفطرا، والقاعدة عند الفقهاء أننا: (إذا شككنا في الشيء هل هو مفطر أو لا فالأصل عدم الفطر).
 من غلبه القيء لا يفطر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من ذرعه القيء فلا يقض» .
قال الإمام الخطابي رحمه الله: “ولا أعلم خلافا بين أهل العلم في أن من ذرعه القيء فإنه لا قضاء عليه، ولا في أن من استقاء عمدا فعليه القضاء”.
 وبعض الناس، يحصل لهم ارتجاع سوائل من المعدة؛ وقد يحس الشخص بالحموضة أو المرارة في المريء نفسه، ولا يصعد إلى الفم، ففي هذه الحالة لا يفسد الصوم؛ لأن تلك السوائل لم تخرج إلى الفم. أما إذا خرجت إلى الفم فحكمها حينئذ حكم القلس أو القيء؛ وحكمه أنه إذا ردّه إلى جوفه مع إمكان إخراجه أفطر، وإن ابتلعه لكونه لم يتمكن من إخراجه فلا يؤثر على صيامه:
قال ابن حزم: “ولا نعلم في القلس والدم الخارجين من الأسنان لا يرجعان إلى الحلق، خلافا في أن الصوم لا يبطل بهما، وحتى لو جاء في ذلك خلاف لما التُفِت إليه، إذ لم يوجب بطلانَ الصوم بذلك نص” .
 المضمضة والاستنشاق: والنصوص في مشروعيتهما مطلقة، تشمل كل الأوقات، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن أصل الاستنشاق، وإنما نهى عن المبالغة فيه؛ فدل على أنهما لا يفطِّران.
 السواك: ولو بعد الزوال لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» . وهذا أيضا مطلق.
 القبلة والمباشرة:
يجوز لمن يملك نفسه أن يقبل زوجته ويباشرها:
لقول عائشة رضي الله عنها: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يُقبّل وهو صائم ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه”.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء شاب فقال يا رسول الله أُقبل وأنا صائم؟ قال: «لا»، فجاء شيخ فقال: أقبل وأنا صائم؟ قال: «نعم». فنظر بعضنا إلى بعض، فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الشيخ يملك نفسه».
 الحجامة: ذهب جمهور أهل العلم إلى أنها ليست من المفطرات:
عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «رخص النبي صلى الله عليه وسلم في القبلة للصائم، والحجامة».
ولفظ هذا الحديث يدل على أن قوله عليه الصلاة والسلام: «أفطر الحاجم والمحجوم». منسوخ، وهو قول الجمهور.
ويؤيده قول أنس رضي الله عنه: “أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر ابن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أفطر هذان»، ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم”.
وبناء عليه، فيجوز للصائم أن يتبرع بالدم إلا أن يخاف أن يضعف فلا يفعل.
 قال العلامة ابن تيمية: “أما خروج الدم الذي لا يمكن الاحتراز منه؛ كدم المستحاضة والجروح والذي يرعف ونحوه فلا يفطر”.
 الكحل: لا يفطر عند الجمهور، إذ لا دليل على كونه مفطرا.
وقد ثبت عن أنس رضي الله عنه: «أنه كان يكتحل وهو صائم».
قلت: ومثل الكحل، قطرة العين، فإنها لا تفطر، ولو وجد طعمها في حلقه ، ومثلها أيضا قطرة الأذن.
 الحقنة:
لا دليل على كونها من المفطرات، إلا التي يقصد بها التغذية.
 الاِدِّهان:
قال ابن تيمية: “و الاِدِّهان لا يفطر بلا ريب” . والدليل عدم الدليل كما سبق في بعض المسائل.
 بخاخ ضيق النفس: لا يفطر لأنه يتبخر ولا يصل إلى المعدة.
 ذوق الطعام:
قال ابن عباس: «لا بأس أن يتطاعم الصائم عن القدر».
قال العلامة ابن حجر: “يعني المرقة ونحوها”.
فـ”ذوق الطعام يكره لغير حاجة، لكن لا يفطر، أما للحاجة فهو كالمضمضة”.
 وإذا كان المسلم شاكا في طلوع الفجر، فيشرع له أن يأكل حتى يستيقن طلوعه؛ لقول الله تعالى: “وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ” فجعل سبحانه الغاية هي التبين.
قال ابن عباس: «كلْ ما شككت حتى لا تشك».
 ومن أفطر مخطئا؛ كأن يأكل أو يشرب ظانا غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر، والأمر ليس كذلك، فيتم صومه ولا قضاء عليه ولا كفارة؛ لقول الله تعالى: “رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا” . .
عن زيد بن وهب قال: “أفطر الناس في زمان عمر، فرأيت عِساساً أُخرجت من بيت حفصة، فشربوا في رمضان، ثم طلعت الشمس من سحاب، فكأن ذلك شق على الناس وقالوا: نقضي هذا اليوم، فقال عمر: ولم؟! فوالله ما تجنّفنا لإثم” .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *