القمني.. ليس أول الساقطين.. فهل يكون آخرهم؟ أحمد عمرو

صحيح أن السيد القمني كاتب علماني متطرف، سب الإسلام وأهله وانتقص القرآن إلا أنه لا يستحق كثيرا الحديث عنه، فأفكاره لا تستحق الاهتمام، ودراساته وأبحاثه بلا قيمة، وكتبه لا تلقى رواجًا، إلا أن دلالة منحه جائزة تقديرًا لجهوده المزعومة هو ما يجعلنا نلقي الضوء على الأسباب الحقيقية وراء منحه تلك الجائزة في هذا الوقت بالذات.

المستهزئون والغرب
فإذا كان الغرب له حساباته الخاصة التي يمنح على إثرها الجوائز، مثل منحه جائزة نوبل في الآداب للروائي المصري نجيب محفوظ عن روايته (أولاد حارتنا) المسيئة للذات الإلهية والأنبياء، والتي منع الأزهر نشرها وإلى الآن، تلك الجائزة نفسها تم منحها للكاتب الهندي (نايبول) المعادي للإسلام، وذلك عقب أحداث الحادي عشر من شتنبر، الأمر الذي اعتبره أحد كبار الكتاب العلمانيين (محمد سلماوي) صورة من صور الحرب العالمية على الإرهاب.
وتكريم ملكة إنجلترا في أواخر عهد رئيس الوزراء توني بلير الكاتب البريطاني من أصل هندي (سلمان رشدي) صاحب الآيات الشيطانية المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم، ويضم سجل التقدير أيضًا الكاتبة البنجلاديشية (تسليمة نسرين) والمرتدة الصومالية (إيان هرسي) وغيرهم كثير.
كل هؤلاء كُرموا في الغرب لا لموهبتهم الفذة ولا لعطائهم الذي أضاء البشرية، لكن بسبهم الإسلام، والنيل من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فإذا كان هذا هو حال الغرب معهم فإن دوافعه معلومة وواضحة؛ فالخوف الواضح من الإسلام الذي بدأ يتحرك سواء في أوروبا وأمريكا بانتشار وتزايد المسلمين، فبعد أحداث شتنبر تضاعف عدد من يدخلون الإسلام في أمريكا فصار عشرين ألفًا سنويًّا -حسب ما ذكره موقع محطة إن بي سي-، كما أن خمس سكان موسكو حاليًّا مسلمون. بل يرى الكاتب الكندي “مارك ستاين” أن المسلمين سيصبحون 40% من سكان أوروبا عام 2025م .

لهذا يسعى الغرب إلى تلميع كل ناعق يطعن في الإسلام وأهله خاصة إذا كان من بني جلدتنا، محاولات الغرب لم تكتف فقط بتلميع هؤلاء بل كانت هناك محاولات غربية مثل: الرسوم الدانماركية وتصريحات بنيدكت السيئة وغيرها والتي استفزت مشاعر المسلمين وقتها، فخرجت المظاهرات في الشوارع وأحرق العلم الدنماركي بل وهوجمت السفارة الدنماركية في عدد من البلاد العربية، هذه هي الحالة الغربية.
من هو القمني

لقد طفحت كتابات القمني بكل من يسيء للقرآن والسنة وكل ما يمت بقداسة لدى المسلمين، ففى كتابه “الحزب الهاشمى”، وهو العمل الذى استحق عليه جائزة الدولة التقديرية يقول: (إنَّ دين محمد [صلى الله عليه وسلم] مشروع طائفي، اخترعه عبد المطلب الذى أسس الجناح الدينى للحزب الهاشمى على وفق النموذج اليهودى “الإسرائيلى”، لتسود به بنو هاشم غيرها من القبائل)، هذا كلامه ولا يحتاج إلى تعليق.

وفى جزء آخر يقول: (إن محمدًا [صلى الله عليه وسلم] قد وفَّر لنفسه الأمان المالى بزواجه من الأرملة خديجة [رضى الله عنها]، بعد أن خدع والدها وغيَّبه عن الوعى بأن أسقاه الخمر). وفي كتابه “أهل الدين والديمقراطية” يتهم الإسلام بالظلم؛ لعدم المساواة بين الرجل والمرأة فى الميراث، وفى ص:318 من الكتاب يقول: (العقيدة الإسلامية مليئة بالأساطير، كيف يمكن تنقيتها من كل هذه الشوائب؟).
وفي كتابه “عفاريت التراث” يتهجم على الصحابة عثمان بن عفان وعمرو بن العاص رضى الله عنهما، ويقول: (إن فتوحاتهم لم تكن إلا من أجل المال). ومن أسوأ أقواله الأخرى من كتاب “الأسطورة والتراث”، سيد القمني (ص:362-364): (القرآن لا يعتد بالحقيقة، وإنما باللحظة الراهنة، فيتقرب إلى اليهود ويجاملهم حين يكون المسلمون بحاجة لهم، ثم يهاجمهم ويُنَكِّل بهم حين يقوى المسلمون). وفي أحاديث صحفية كثيرة يتهم القرآن بأنه متناقض، وأنه يحتاج إعادة ترتيب، وأنه نص تاريخى يجب وضعه موضع المساءلة الإصلاحية النقدية.
ليس أول المتساقطين
لقد آن الأوان أن يكون هناك عمل مؤسسي يضم كل الغيورين على دينهم ونبيهم وقرآنهم، ولا تُحمل تبعات كل قضايا السخرية من الدين والمس بالثوابت والهوية على كاهل الدعاة أو التيارات الإسلامية، يجب أن يشارك المستشارون والقضاة والمحامون والأدباء وأساتذة الجامعات من كل تخصص .. ألا يمس ذلك صميم عقيدتهم وهويتهم وتراثهم؟ لماذا لا يتحرك الجميع مطالبين بإطار مؤسسي للرقابة على مساس المقدسات والحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية.. حتى لا يظهر لنا قمني جديد؟
أما في الداخل فإن حالة مشابه تحصل فقد سبق ذلك بعامين تكريم الشاعر حلمي سالم في أعقاب كتابته قصيدة يستهزئ فيها بالذات الإلهية، مدعيًا أنه تعالى قروي يحلب بقرة ويكتب سورة البقرة. كما استضافت مكتبة الإسكندرية الكاتب السوري “حيدر حيدر” صاحب رواية: “وليمة لأعشاب البحر” التي سخر فيها من الله تعالى هذه الرواية كانت قد نشرتها وزارة ثقافة فاروق حسني من قبل وقامت على إثرها مظاهرات الأزهر الشهيرة، فالقمني ليس حالة واحدة متفردة في تاريخ تكريم المستهزئين بالشرع في بلادنا بل سبقتها حالات متعددة، ولا يبدو في الأفق أن مذبح منصب اليونسكو سيقف عند حد القمني بل أراه سيمتد.
فإذا كانت حملات التشويه الغربية تجابه من قبل دعاتنا وعلمائنا بدعوات لمقاطعة المنتجات الدانماركية أو الغربية، وتُحمَّل كل حملات التشويه والإساءة على كاهل المسلم البسيط الذي لا حيلة له إلا الخروج في مظاهرات أو مقاطعة المنتجات، فإن في الحالة الداخلية نحتاج لما هو أكبر من مقاطعة تلك المنتجات العفنة؛ لأن منتجات وزارة الثقافة هي مقاطعة ابتداءً، فالقمني مثلاً لولا حصوله على تلك الجائزة لما سمع به أحد، ومقالاته ودراساته لا يقرأها في بلادنا إلا قلة من العلمانيين على شاكلته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *