عيوب إياس بن معاوية
قيل لإياس بن معاوية القاضي: إن فيك عيوبا: دمامة الشكل، وإعجابك بقولك، وعجلتك بالحكم، فقال: أما الدمامة فليس أمرها إلي. وأما الإعجاب بالقول، أفليس يعجبكم ما أقول؟ قالوا: نعم. قال: فأنا أحق بالإعجاب بقولي. وأما العجلة بالحكم، فكم هذه؟ ومد أصابع يده. قالوا: خمس. فقال: أعجلتم بالجواب ولم تعدوها إصبعا إصبعا. قالوا كيف نعدّ ما نعلمه؟! فقال: كيف أؤخر حكم ما اعلمه؟! شرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون.
من آداب مخاطبة الملوك
دخل الأصمعي يوما على هارون الرشيد بعد غيبة كانت منه، فقال الرشيد: يا أصمعي، كيف كنت بعدي؟ فقال: ما لاقتني بعدك أرض. فتبسم الرشيد، فلما خرج الناس، قال للأصمعي: ما معنى “ما لاقتني أرض”؟ قال: ما استقرت بي أرض، كما يقال فلان لا يليق شيئا أي لا يستقر معه شيء، فقال الرشيد: هذا حسن، ولكن لا ينبغي أن تكلمني بين يدي الناس إلا بما أفهمه، فإذا خلوت فعلمني، فإنه يقبح بالسلطان أن لا يكون عالما: إما أن أسكت فيعلم الناس أني لا أفهم إذا لم أجب، وإما أن أجيب بغير الجواب فيعلم من حولي أني لم أفهم ما قلت، قال الأصمعي فعلمني الرشيد يومها أكثر مما علمته. أخبار النحويين البصريين.
القصة الدرهم الواحد
يحكى أن امرأة جاءت إلى أحد الفقهاء، فقالت مات أخي، وترك ستمائة درهم، ولما قسموا المال لم يعطوني إلى درهما واحدا! فكر الفقيه لحظات، ثم قال لها: ربما كان لأخيك زوجة وأم وابنتان واثنا عشر أخا. فتعجبت المرأة، وقالت: نعم، هو كذلك. فقال: إن هذا الدرهم حقك، وهم لم يظلموك: فلزوجته ثُمن ما ترك، وهو يساوي 75 درهما، ولابنتيه الثلثين، وهو يساوي 400 درهم، ولأمه سدس المبلغ، وهو يساوي 100 درهم، ويبقى 25 درهما توزع على إخوته الاثنى عشر وعلى أخته، ويأخذ الرجل ضعف ما تأخذه المرأة، فلكل أخ درهمان، ويتبقى للأخت -التي هي أنت- درهم واحد.
الديك الهزيل
عندما دعا الشاعر المصري محمود غنيم أحد أصدقائه مرة إلى مأدبة في سفح الهرم، وذبح له ديكاً هزيلاً، فلم ينج هذا الصديق من مداعبات الشاعر، فكتب قصيدة يقول فيها:
يا صاح مالك والكرم *** البخل طبـــعك مــن قدم
شـهدت ببــخلك لــيلة *** قمراء في ســفح الــهرم
تـــباً لديكـــك يا أخي *** هضم الحديد وما انهضم
ديـك هزيـل الجـــسم *** تـركله الــجرادة بالقــدم
في دولة الأدياك كان *** مــن الســعاة أو الخــدم
خلـــناه في الأطــباق *** رسماً بالــمداد وبالـــقلم
جلد يحيــط بأعــظم *** لا لــحم فيــه ولا دســـم
حكم ومواعظ
قال قتادة: كلمتان يسأل عنهما الأولون والأخرون: ماذا كنتم تعبدون وماذا أجبتم المرسلين.
قيل للشعبي رحمه الله: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبكور كبكور الغراب.
قال الذهبي رحمه الله: ما خلا مجتمع من التغاير والحسد، إلا ما كان في جانب الأنبياء والرسل عليهم السلام.
قال الشافعي رحمه الله: والله لو علمت أن الماء البارد يثلم من مروءتي شيئا ما شربت إلا حاراً.
قيل لأحمد بن حنبل: كيف تعرف الكذابين؟ قال: بمواعيدهم.
قال هرم بن حيان: ما أقبل عبدٌ بقلبه إلى الله، إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه ودَّهم.
قال ابن القيم رحمه الله: سبحان الله؛ في النفس كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة نمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة هامان..
كان الفضيل بن عياض يقول: إذا كان الله يسأل الصادقين عن صدقهم، مثل إسماعيل وعيسى عليهما السلام ، فكيف بالكاذبين أمثالنا؟!!
قال الشاعر:
فما قَتلَ السَّفاهَة مـِثْل حــِلْمٍ *** يعودُ به على الجـهلِ الحليمُ
فلا تَسْفَهْ وإنْ مُلِّئْتَ غيـظـاً *** على أَحدٍ فـإنَّ الفُحـْشَ لَـوْمُ
ولا تقْطَعْ أخاً لك عند ذنْبٍ *** فـإنَّ الذَّنْبَ يَغْفــِرُهُ الكـريمُ
قال سعيد بن جبير: إن أفضل الخشية أن تخشى الله خشية تحول بينك وبين معصيته، وتحملك على طاعته، فتلك هي الخشية النافعة.
والذكر طاعة الله فمن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطعه فليس بذاكر له، وإن كثر منه التسبيح وتلاوة القرآن.
قال أبو الشعثاء جابر بن زيد: لا تُماكِس (تساوم) في شيءٍ يُتَقَرَّبُ به إلى الله .
قال سعيد بن المسيب: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله، ولا أهانت أنفسها إلا بمعصية الله تعالى.
وقال: كفى بالمرء نصرة من الله له أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله .
وقال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه.
وقال: الدنيا نذلة (حقيرة) وهي إلى كل نذل أميل، وأنذل منها من أخذها من غير وجهها ووضعها في غير سبيلها.
وقال: من كان فضله أكثر من نقصه، وُهِبَ نَقْصُهُ لفضلِه.