كلامك خير من شعري
قال الأصمعي: كنت عند الرشيد إذ دخل عليه إبراهيم الموصلي فأنشده:
وآمرة بالبخل قلت لها: اقصري *** فليس إلى ما تأمرين سبيل
فعالي فعال المكثرين تجملا *** ومالي كما قد تعلمين قليل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى *** ورأي أمير المؤمنين جميل
فقال له الرشيد: لله أبيات تأتينا بها، ما أحسن أصولها، وأبين فصولها، وأقل فضولها!
وقال: يا غلام، أعطه عشرين ألفا.
قال: والله لا أخذت منها درهما.
قال: ولم؟
قال: لأن كلامك والله يا أمير المومنين خير من شعري.
قال: أعطوه أربعين ألفا.
قال الأصمعي: فعرفت أنه أصيد لدراهم الملوك مني.
ألا انتصرت لنفسك
سبَّ رجل المهلب وأفحش في سبه، وهو ساكت، فمر رجل فسمعه، فرد عليه، وخاصمه وأنكاه، ثم التفت إلى المهلب، وقال له: ألا انتصرت لنفسك؟
فقال المهلب: يا ابن أخي، وجدت النصرة في الحلم، ولولا حلمي ما انتصرت لي!
فمن أين تصيح إذن؟
سأل رجل عمرو بن قيس عن حصاة المسجد، يجدها الإنسان في خفه أو ثوبه أو جبهته، فقال له: ارم بها. فقال: زعموا أنها تصيح حتى ترد إلى المسجد. قال: دعها تصيح حتى ينشق حلقها. قال الرجل: أو لها حلق؟! قال: فمن أين تصيح إذن!
انقطع عبد الجبار!
قال عبد الجبار المعتزلي في ابتداء جلوسه للمناظرة مع أبي إسحاق الإسفراييني: سبحان من تنزه عن الفحشاء!
فقال أبو إسحاق الإسفراييني مجيبا: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما شاء.
فقال عبد الجبار: أفيشاء ربنا أن يعصى؟
فقال الإسفراييني: أيعصى ربنا قهرا؟
فقال عبد الجبار: أفرأيت إن منعني الهدى، وقضى علي بالردى، أحسن إلي أم أساء؟
فقال الإسفراييني: إن كان منعك ما هو لك فقد أساء، وإن منعك ما هو له فيختص برحمته من يشاء.
فانقطع عبد الجبار.
عاتبت قلبي!
قال ابن جماعة:
لما تمكن من فؤادي حبه *** عاتبت قلبي في هواه ولمته
فرثى له طرفي وقال أنا الذي *** قد كنت في شرك الردى أوقعته
عاينت حسنا باهرا فاقتادني *** سرا إليه عندما أبصرته
الولد شبيه أبيه
كان لمحمد بن بشير الشاعر ولد جسيم، فأرسله في حاجة فبطأ عليه، ثم عاد ولم يقضها، فنظر إليه، ثم قال:
عقله عقل طائر *** وهو في خلقه جمل
فأجابه:
مشبه بك يا أبي *** ليس لي عنك منتقل
حكم ومواعظ
قال الحسن البصرى
نهارك ضيفك فأحسن إليه فإنك إذا أحسنت إليه ارتحل بحمدك، وإن أسئت إليه ارتحل بذمك، وكذلك ليلك.
عن محمد بن سيرين
أنه سمع رجلا يسب الحجاج فأقبل عليه فقال :اعلم أنَّ الله تعالى حكَمٌ عدل إن أخذ من الحجَّاج لمن ظلمه، فسوف يأخذ للحجَّاج ممن ظلمه فلا تشغلن نفسك بسب أحد.
قال مالك بن دينار
رحم الله عبداً قال لنفسه: ألستِ صاحبة كذا؟ ألستِ صاحبة كذا؟ ثم ذمها، ثم خطمها ..ثم ألزمها كتاب الله تعالى فكان لها قائداً.
قال سفيان بن عيينة
كان يقال أشد الناس حسرة يوم القيامة ثلاثة، رجل كان له عبد فجاء يوم القيامة أفضل عملا منه، ورجل له مال فلم يتصدق منه فمات فورثه غيره فتصدق منه، ورجل عالم لم ينتفع بعلمه فعلم غيره فانتفع به.
وقال أيضا
من كانت معصيته في الشهوة فأرج له التوبة، فإن آدم عليه السلام عصى مشتهيا فغفر له، فإذا كانت معصيته في كبر فاحش على صاحبه اللعنة، فإن إبليس عصى مستكبرا فلعن.
قال الذهبي
إن العلم ليس بكثرة الرواية، ولكنه نور يقذفه الله في القلب، وشرطه الاتباع، والفرار من الهوى والابتداع !
قال أحد السلف
إنما العلم مواهب يؤتيه الله من أحب من خلقه، وليس يناله أحد بالحسب، ولو كان لعلة الحسب لكان أولى الناس به أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم !
قال هرم بن حيان
ما أقبل عبدٌ بقلبه إلى الله إلا أقبل الله بقلوب المؤمنين إليه حتى يرزقه وُدَّهم !
كن على حذر
كن على حذر من الكريم إذا أهنته، ومن العاقل إذا أحرجته، ومن اللئيم إذا أكرمته، ومن الأحمق إذا مازحته.
قال أحد الحكماء
يا بني ذقتُ الطيبات كلها فلم أجد أطيب من العافيه، وذقت المرارات كلها فلم أجد أمر من الحاجه إلى الناس، ونقلت الحديد والصخر فلم أجد أثقل من الدَّيْن.
قال ابن الجوزي
يا من عمله بالنفاق مغشوش، تتزين للناس كما يُزين المنقوش، إنما يُنظر إلى الباطن لا إلى النقوش، فإذا هممت بالمعاصي فاذكر يوم النعوش، وكيف تُحمل إلى قبر بالجندل مفروش .