تسلية وترويح

الشاطر والسارق
وقف شاطر على قبر سارق فقال: رحمك الله فقد والله كنت أحمر الإزار، حاد السكين، إن نقبت فجرذٌ، وإن تسلقت فسِنَّور، وإن استلبت فحَدَأة، وإن ضربت فأرضٌ، وإن شربت فحب؛ ولكنك اليوم وقعت في زاوية سوء.
لعله اتفاق
أصيب أحمد بن الخصيب بمصيبة، فخرج إلى الحاضرين لتعزيته وهو يعصر عينيه ويقول: من الكامل
غيضن من عبراتهن وقلن لي ماذا لقيت من الهوى ولقينا
فقال أحدهم: ما هذا؟ فقال: لما رأيت النساء يبكون ويلطمون حضرني هذا البيت، فقيل له: هذا لجرير، فقال: لعله اتفاق.
ليصيبوا خالص ما عندنا
دخل الأخطل على عبد العزيز بن مروان وهو مريض يعوده فقال: من الكامل
ونعود سيدنا وسيد غيرنا *** ليت التشكي كـان بالعواد
لو كان يقبل فـدية لفـديته *** بأناملي وبطارفي وتلادي
فقال عبد العزيز: يا غلام أعطه عشرة آلاف درهم، إن هؤلاء والله ما يعطونا صافي ما عندهم إلا ليصيبوا خالص ما عندنا.
علة أخيك من كلامك
دخل الخليل على مريض نحوي وعنده أخ له فقال للمريض: افتح عيناك، وحرك شفتاك، فإن أبو محمد جالساً، فقال: إني أرى أن أكثر علة أخيك من كلامك.
قيل للأعمش: ما أعمش عينيك؟ فقال: النظر إلى الثقلاء.
استوص بأولادي خيراً
حضر أعرابي عند الحجاج وقدم الطعام فأكل الناس، ثم قدمت الحلواء، فترك الحجاج الأعرابي حتى أكل منه لقمةً، ثم قال: من أكل من هذا ضربت عنقه؛ فامتنع الناس كلهم وبقي الأعرابي ينظر إلى الحجاج مرةً وإلى الفالوذج أخرى، ثم قال: أيها الأمير، استوص بأولادي خيراً، ثم اندفع يأكل، فضحك الحجاج حتى استلقى وأمر له بصلة.
عطس سعيد الدارمي عند عبد الصمد بن علي عطسة هائلة ففزع عبد الصمد فزعاً شديداً وغضب وقال: أتفزعني؟ قال: لا والله ولكن هذا عطاسي. قال: لا والله لأنقعنك في دمك أو لتأتيني ببينة على ذلك. قال: فخرج ومعه حرسي لا يدري أين يذهب به. فلقيه ابن الريان المكي فسأله فقال: أنا أشهد لك. فمضى حتى دخل على عبد الصمد فقال: ما تشهد لهذا؟ قال: إني رأيته مرة عطس عطسة سقط ضرسه. فضحك عبد الصمد وخلى سبيله.
حكم ومواعظ
الجود والكرم
قال علي بن عبد الله بن العباس: سادة الناس في الدنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء.
وقال يحيى بن معاذ الرازي: تأبى القلوب للأسخياء إلا حباً ولو كانوا فجاراً، وللبخلاء إلا بغضاً ولو كانوا أبراراً.
وقال بعض الحكماء: الجواد من جاد بماله وصان نفسه عن مال غيره.
وقيل لعمرو بن عبيد: ما الكرم؟ فقال: أن تكون بمالك متبرعاً، وعن مال غيرك متورعاً.
نظر أعرابي إلى قوم ينصرفون من المسجد الجامع فقال: لو ورد هؤلاء على بخيل لقضى حوائجهم، فكيف على أجود الأجواد؟
ومن كلام ينسب إلى جعفر بن محمد عليهما السلام: لا يتم المعروف إلا بثلاثة: بتعجيله وتصغيره وستره.
جاهل سخي خير من ناسك بخيل.
الجود زكاة السعادة.
الإيثار على النفس موجب لاسم الكريم.
لا تستحي من بذل القليل فإن الحرمان أقل منه.
ويشبه هذا المعنى قول الشاعر، وينسب إلى حماد عجرد: من البسيط
بث النوال ولا يمنعك قلته *** فكل ما سد فقراً فهو محمود
ومن هذا الشعر:
إن الكريم ليخفي عنك عسرته *** حـــتى يخال غنياً وهو مجهود
وللبخـــيل على أمـــواله علل *** زرق العيون عليها أوجه سود
وقال علي بن موسى: لا خير في المعروف إذا أحصي.
وقال علي بن الحسين: الكريم يبتهج بفضله، واللئيم يفتخر بماله.
وقال الحسين بن علي لمعاوية: من قبل عطاءك فقد أعانك على الكرم.
ومن كلام له: أيها الناس من جاد ساد، ومن بخل رذل، وإن أجود الناس من أعطى من لا يرجوه.
وأنشد عبد الله بن جعفر قول الشاعر: من الكامل
إن الصنيعة لا تكون صنيعة … حتى يصاب بها طريق المصنع
فقال: هذا شعر رجل يريد أن يبخل الناس، أمطر المعروف مطراً فإن صادف موضعاً فهو الذي قصدت، وإلا كنت أحق به.
وقيل ليزيد بن معاوية: ما الجود؟
فقال: إعطاء المال من لا تعرف، فإنه لا يصير إليه حتى يتخطى من تعرف.
وقال يحيى بن خالد لابنه جعفر: ما دام قلمك يرعف فأمطره معروفاً.
قال سعيد بن العاص، وكان من الأجواد: قبح الله المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك يتردد دمه في وجهه مخاطراً لا يدري أتعطيه أم لا، وقد بات ليلته يتململ على فراشه، يعاقب بين شفتيه مرة هكذا ومنه هكذا من لجاجته، فخطرت بباله أنا أو غيري فمثل أرجاهم في نفسه وأقربهم من حاجته، ثم عزم علي وترك غيري، فلو خرجت له مما أملك لم أكافه وهو علي أمنّ مني عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *