درر وفوائد

أسباب انشراح الصدر
الهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر.
ومنها: النور الذي يقذفه الله في قلب العبد، وهو نور الإيمان.
ومنها: العلم، فإنه يشرح الصدر ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا.
ومنها: الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه.
ومن أسباب شرح الصدر: دوام ذكره على كل حال، وفي كل موطن.
ومنها: الإحسان إلى الخلق، ونفعهم بما يمكنه من المال والجاه.
ومنها: الشجاعة، فإن الشجاع منشرح الصدر، واسع البطان، متسع القلب.
ومنها بل من أعظمها: إخراج دغل القلب من الصفات المذمومة.
ومنها: ترك فضول النظر، والكلام، والاستماع، والمخالطة، والأكل، والنوم.
زاد المعاد 2/23-24-25-26

فوائد من حديث هند:
جاءت هند رضي الله عنها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وبني؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (خذي بالمعروف)؟
في حديث هند: دليل على جواز قول الرجل في غريمه ما فيه من العيوب عند شكواه، وأن ذلك ليس بغيبة، ونظيرُ ذلك قول الآخر في خصمه: يا رسول الله! إنه فاجر لا يُبالي ما حلف عليه.
وفيه دليل على تفرد الأب بنفقة أولاده، ولا تُشارِكُه فيها الأم، وهذا إجماع من العلماء إلا قول شاذ لا يلتفت إليه.
وفيه دليلٌ على أن نفقة الزوجة، والأقارب مقدَّرة بالكفاية.
وقد احتجَّ بهذا على جواز الحكم على الغائب، ولا دليل فيه، لأن أبا سفيان كان حاضراً في البلد لم يكن مسافراً، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يسألها البينَة، ولا يُعطى المدَّعي بمجرد دعواه، وإنما كان هذا فتوى منه صلى الله عليه وسلم.
زاد المعاد 5/448-449
هل يحتج بحديث هند على مسألة الظَّفر؟
قد احتج به على مسألة الظَّفر، وأن للإِنسان أن يأخذ من مال غريمه إذا ظفر به بقدر حقه الذي جحده إياه، ولا يدل لثلاثة أوجه؛ أحدُها: أن سببَ الحق هاهنا ظاهر، وهو الزوجية، فلا يكون الأخذُ خيانةً في الظاهر، فلا يتناولُه قول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: “أَدِّ الأمَانَةَ إلى من ائْتَمَنَكَ، وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ”. ولهذا نص أحمد على المسألتين مفرقاً بينهما، فمنع من الأخذ في مسألة الظفر، وجوَّز للزوجة الأخذَ، وعمل بكلا الحديثين.
الثاني: أنه يشق على الزوجة أن ترفعَه إلى الحاكم، فيلزمه بالإِنفاق أو الفراق، وفي ذلك مضرَّة عليها مع تمكنها من أخذ حقها، الثالث: أن حقها يتجددُ كُلَّ يوم فليس هو حقاً واحداً مستقراً يُمكن أن تستدينَ عليه، أو ترفعه إلى الحاكم بخلاف حق الدين.
زاد المعاد 5/449-450
حكم ومواعظ
حكم رائعة قصيرة
العفة جيش لا يهزم.
من اتكل على زاد غيره طال جوعه.
العمل يخفّ مع طول الممارسة.
الحر عبد إذا طمع والعبد حر إذا قنع.

مواعظ وحكم لابن الجوزي
إخواني: الذنوب تغطي على القلوب، فإذا أظلمت مرآة القلب لم يبن فيها وجه الهدى، ومن علم ضرر الذنب استشعر الندم.
يا صاحب الخطايا: أين الدموع الجارية؟ يا أسير المعاصي ابك على الذنوب الماضية، أسفاً لك إذا جاءك الموت وما أنبت، وا حسرة لك إذا دُعيت إلى التوبة فما أجبت، كيف تصنع إذا نودي بالرحيل وما تأهبت، ألست الذي بارزت بالكبائر وما راقبت؟
أسفاً لعبد كلما كثرت أوزاره قلّ استغفاره، وكلما قرب من القبور قوي عنده الفتور .
اذكر اسم من إذا أطعته أفادك، وإذا أتيته شاكراً زادك، وإذا خدمته أصلح قلبك وفؤادك ..
أيها الغافل: ما عندك خبر منك! فما تعرف من نفسك إلا أن تجوع فتأكل، وتشبع فتنام، وتغضب فتخاصم، فبم تميزت عن البهائم!
واعجباً لك! لو رأيت خطاً مستحسن الرقم لأدركك الدهش من حكمة الكاتب، وأنت ترى رقوم القدرة ولا تعرف الصانع، فإن لم تعرفه بتلك الصنعة فتعجّب، كيف أعمى بصيرتك مع رؤية بصرك!
يا من قد وهى شبابه، وامتلأ بالزلل كتابه، أما بلغك أن الجلود إذا استشهدت نطقت! أما علمت أن النار للعصاة خلقت! إنها لتحرق كل ما يُلقى فيها، فتذكر أن التوبة تحجب عنها، والدمعة تطفيها.
سلوا القبور عن سكانها، واستخبروا اللحود عن قطانها، تخبركم بخشونة المضاجع، وتُعلمكم أن الحسرة قد ملأت المواضع، والمسافر يود لو أنه راجع، فليتعظ الغافل وليراجع.
يا مُطالباً بأعماله، يا مسئولاً عن أفعاله، يا مكتوباً عليه جميع أقواله، يا مناقشاً على كل أحواله، نسيانك لهذا أمر عجيب!
إن مواعظ القرآن تُذيب الحديد، وللفهوم كل لحظة زجر جديد، وللقلوب النيرة كل يوم به وعيد، غير أن الغافل يتلوه ولا يستفيد.
كان بشر الحافي طويل السهر يقول: أخاف أن يأتي أمر الله و أنا نائم.
من تصور زوال المحن وبقاء الثناء هان الابتلاء عليه، ومن تفكر في زوال اللذات وبقاء العار هان تركها عنده، وما يُلاحظ العواقب إلا بصر ثاقب.
عجباً لمؤثر الفانية على الباقية، ولبائع البحر الخضم بساقية، ولمختار دار الكدر على الصافية، ولمقدم حب الأمراض على العافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *