حكم ومواعظ

قـال ابن القيم رحمه الله
الصادق مطلوبه رضى ربه، وتنفيذ أوامره وتتبع محابه، فهو متقلب فيها يسير معها أينما توجهت ركائبها، ويستقل معها أينما استقلت مضاربها، فبينا هو في صلاة إذ رأيته في ذكر ثم في غزو ثم في حج ثم في إحسان للخلق بالتعليم وغيره من أنواع المنافع.
مدارج السالكين (2/286)
قال بعض العلماء
من تفرد بالعلم لم تُوحشه الخلوة، ومن تسلى بالكتب لم تفته سلوة، وإن هذه القلوب تملُ كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة.
والحكمة موقظة للقلوب من سنة الغفلة، ومنقذة للبصائر من سنة الحيرة ومحيية لها بإذن الله من موت الجهالة ومستخرجة لها من ضيق الضلالة لمن وفقه الله تعالى، والله أعلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
وكلما حقق العبد الإخلاص في قول: لا إله إلا الله خرج من قلبه تأله ما يهواه، وتصرف عنه الذنوب والمعاصي، كما قال تعالى: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) فعلل صرف السوء والفحشاء بأنه من عباد الله المخلصين وهؤلاء هم الذين قال الله فيهم: (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) وقال الشيطان: (فبعزّتك لأغوينهم أجمعين .. إلا عبادك منهم المخلصين).
الفتاوى 10/651
سئل حمدون القصار: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ قال: لأنهم تكلموا لعز الإسلام ورضا الرحمن، ونحن نتكلم لعز النفوس، وطلب الدنيا، ورضا الخلق.
صفة الصفوة 2/122
شؤم المعصية
قال ابن القيم -رحمه الله-: “قلَّةُ التَّوفيقِ وفسادُ الرَّأيِ، وخفاءُ الحقِّ، وفسادُ القلبِ، وخمولُ الذكرِ، وإضاعة الوقتِ، ونفرةُ الخلق، والوحشة بين العبدِ وبينَ ربهِ، ومنعُ إجابةِ الدُّعاءِ، وقسوة القلبِ، ومَحقُ البَرَكةِ في الرِّزق والعُمر، وحرمانُ العلم، ولِبَاسُ الذل، وإهانة العدوِّ، وضيقُ الصَّدرِ، والابتلاءُ بِقرنَاءِ السُّوءِ الذينَ يُفسدون القلبَ ويُضَيِّعُونَ الوقتَ، وطولُ الهَمِّ والغَمِّ، وضَنكُ المعيشةِ، وكَسْفُ البَالِ… تتوَلدُ مِنَ المعصيةِ والغفلةِ عنْ ذكرِ اللهِ، كما يَتَوَلَّدُ الزَّرْعُ عنِ الماءِ، والإحراقُ عن النَّارِ. وأضْدَادُ هذه تتولدُ عنِ الطاعةِ”.
الفوائد ص: 32 ـ 33
قال سهل بن عبد الله: “ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنه ليس لها فيه نصيب”.
وقال يوسف بن الحسين: “أعز شيء في الدنيا الإخلاص وكم أجتهد في إسقاط الرياء عن قلبي وكأنه ينبت فيه على لون آخر”.
وقال الربيع بن خثيم: “كل ما لا يراد به وجه الله يضمحل” .
درر وفوائد
السبب في صرف يوسف عن الفحشاء
قال تعالى: (كذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) فأخبر سبحانه أنه صرف عن يوسف السوء من العشق والفحشاء من الفعل بإخلاصـه، فإن القلب إذا أخلـص عمله لله لم يتمكن منه عشـق الصور، فإنه إنما يتمكن مـن القلب الفارغ.
الجواب الكافي 302
أنواع المحبة
المحبة أربعة أنواع:
أحدها: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فإن المشركين وعباد الصليب واليهود يحبون الله.
الثاني: محبة ما يحبه الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر، وأحب الناس إلى الله أقـومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها.
الثالث: الحب لله وفيه، وهي من لوازم محبة ما يحبه الله، ولا تستقيم محبة ما يحبه الله إلا بالحب فيه وله.
الرابع: المحبة مع الله، وهي المحبة الشركية، وكل من أحب شيئاً مع الله، لا ولا من أجله ولا فيه، فقـد اتخذه نداً من دون الله، وهذه محبة المشركين.
الجواب الكافي 274
القلب قد يمرض ولا يشعر به صاحبه، بل قد يموت ولا يشعر به، فما علامة ذلك؟
علامة ذلك أن لا تؤلمه جراحات القبائح، ولا يوجعه جهله بالحق وعقائده الباطلة، فإن القلب إذا كان فيه حياة تألم بورود القبيح عليه، وتألم بجهله بحسب حياته.
إغاثة اللهفان 1/80.
عظمة العبودية
جعل الله العبودية وصف أكمل خلقه، وأقربهم إليه فقال تعالى: (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً).
ووصف أكرم خلقه عليه وأعلاهم عنده منزلة بالعبودية في أشرف مقاماته فقال تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) وقال تعالى: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ)، فذكره بالعبودية في مقام إنزال الكتاب عليه، وفي مقام التحدي أن يأتوا بمثله، وقال: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) فذكره بالعبودية في مقام الدعوة إليه، وقال: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْـرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) فذكـره بالعبودية في مقـام الإسراء. وجعل البشارة المطلقة لعباده فقال (فَبَشِّرْ عِبَادِ).
إغاثة اللهفان 1/122، 123

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *