أسرار وراء كلام البابا عن الإسلام ونبيّه عبد الله الزايدي

يعجب بعض المتابعين من الحملة المتزايدة على الإسلام من بعض الزعماء الدينيين والسياسيين النصارى في السنوات الأخيرة، وتساءل بعضهم عن سر التوقيت والتزامن، فمن كلام “بوش” عن المسلمين الفاشيّين، إلى كلام “البابا بندكت السادس”عن النبي صلى الله عليه وسلم وقبلهما كلام رئيس الوزراء الايطالي عن الحضارة الإسلامية، وبعده الرسوم المسيئة، وغير ذلك من حملات التشويه.
وربما تساءل البعض عن الأسباب الكامنة في هذه الحملات المتوالية، وربما حمّل بعض الكتَّاب إخوانه المسلمين وِزر هذه الحملات نظراً لما حدث من بعضهم من أعمال تفجير وقتل.
وأقول: إن ثمة أمراً مهماً ينبغي ألاّ نغفل عنه ونحن نبحث في السر الحقيقي وراء هذه الحملات، ألا وهو الانتشار الواسع لدين الإسلام في معاقل النصرانية، الأمر الذي أقضّ مضاجع الرؤساء الدينيين والسياسيين، مما حدا ببعضهم للكلام الصريح عن ضرورة التصدي لانتشار دين الإسلام، وهذه بعض الإحصاءات والأخبار التي تشهد بهذا الانتشار:

أ – زيادة أعداد المساجد في دول الغرب:
ففي قلب أوروبا بدأت أعداد المساجد فيها تنافس أعداد الكنائس في باريس ولندن ومدريد وروما ونيويورك، وصوتُ الأذان الذي يرفع كل يوم في تلك البلاد خمس مرات، خيرُ شاهد على أن الإسلام يكسب كل يوم أرضاً جديدة وأتباعاً جدداً.
فقد أصبح للأذان من يلبيه في كل أنحاء الأرض، من طوكيو حتى نيويورك، وعند نيويورك ومساجدها نتوقف، ففي أوقات الأذان الخمس ينطلق الأذان في نيويورك وحدها من مائة مسجد، و بلـغ عدد المساجد في الولايات المتحدة الأمريكية ما يقرب من 2000 مسجد والحمد لله، وترتفع في بريطانيا مئذنة نحو 1000 مسجد، وتعلو سماء فرنسا وحدها مئذنة 1554 مسجداً ولا تتسع للمصلين، وأما ألمانيا فتُقدّر المساجد وأماكن الصلاة فيها بـ2200 مسجد ومصلى، وأما بلجيكا فيُوجد فيها نحو 300 مسجد ومصلى، ووصل عدد المساجد والمصلّيات في هولندا إلى ما يزيد عن 400 مسجد، كما ترتفع في إيطاليا وحدها مئذنة 130 مسجدًا، أبرزها مسجد روما الكبير، وأما النمسا فيبلغ عدد المساجد فيها حوالي 76 مسجداً.
هذه فقط بعض الدول في أوروبا الغربية، عدا عن أوروبا الشرقية، والإقبال على الإسلام يزداد يوماً بعد يوم، ومن هذه المساجد يتحرك الإسلام، وينطلق في أوروبا، لذلك ليس غريباً أن تشدّد أوروبا وأمريكا في أمر المساجد ومراقبة أهلها، والتضييق في إعطاء الرخص لبنائها، ومن المفارقات العجيبة أن كثيراً من هذه المساجد كانت كنائس فاشتراها المسلمون وحولوها إلى مساجد!

ب – تحذير الصحف الغربية من انتشار الإسلام:
فقد بدأت الصحف الغربية تطلق صيحات تحذير من انتشار واسع لدين الإسلام بين النصارى، ومن ذلك ما جاء في مقال نُشر في مجلة “التايم” الأمريكية “وستشرق شمس الإسلام من جديد، ولكنها في هذه المرة تعكس كل حقائق الجغرافيا، فهي لا تشرق من المشرق كالعادة، وإنما ستشرق في هذه المرة من الغرب”.
أما جريدة “الصانداي تلغراف” البريطانية فقالت في نهاية القرن الماضي: “إن انتشار الإسلام مع نهاية هذا القرن -يعني الذي مضى- ومطلع القرن الجديد -يعني الذي نحن فيه- ليس له من سبب مباشر إلاّ أن سكان العالم من غير المسلمين بدؤوا يتطلعون إلى الإسلام، وبدؤوا يقرؤون عن الإسلام، فعرفوا من خلال اطلاعهم أن الإسلام هو الدين الوحيد الأسمى الذي يمكن أن يُتبع، وهو الدين الوحيد القادر على حل كل مشاكل البشرية”.
مجلة “لودينا” الفرنسية قالت بعد دراسة قام بها متخصصون: “إن مستقبل نظام العالم سيكون دينياً، وسيسود النظام الإسلامي على الرغم من ضعفه الحالي، لأنه الدين الوحيد الذي يمتلك قوة شمولية هائلة”.

ج – انتشار بيع نسخ القرآن الكريم والكتب الإسلامية
وبعد تفجيرات الحادي عشر من شتنبر، التي كان لها آثار سيئة واسعة على النشاطات الإسلامية في الغرب وعلى دول الإسلام، إلاّ أنه مع ذلك ازداد في العالم الغربي الإقبال على التعرف على الإسلام بصورة غير متوقعة، وأصبحت نسخ القرآن الكريم المترجمة من أكثر الكتب مبيعاً في الأسواق الأمريكية والأوروبية حتى نفدت من المكتبات، لكثرة الإقبال على اقتنائها، وتسبب ذلك في دخول الكثير منهم في الإسلام، وفي ألمانيا وحدها بيعت خلال سنة واحدة 40 ألف نسخة من كتاب ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الألمانية، كما أعادت دار نشر “لاروس” الفرنسية الشهيرة طباعة ترجمة معاني القرآن الكريم بعد نفادها من الأسواق.

د- تزايد أعداد الداخلين في الإسلام
ففي عام 2001م نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالاً ذكرت فيه أن بعض الخبراء الأمريكيين يقدرون عدد الأمريكيين الذين يعتنقون الإسلام سنوياً بـ 25.000 شخص، وأن عدد الذين يدخلون دين الله يومياً تضاعف أربع مرات بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر حسب تقديرات أوساط دينية، والمدهش أن أحد التقارير الأمريكية الذي نُشر قبل أربع سنوات ذكر أن عدد الداخلين في الإسلام بعد ضربات الحادي عشر من شتنبر قد بلغ أكثر من ثلاثين ألف 30.000 مسلم ومسلمة، وهذا ما أكده رئيس مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكي، إذ قال: “إن أكثر من 24.000 أمريكي قد اعتنقوا الإسلام بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر ، وهو أعلى مستوى تَحقَّق في الولايات المتحدة منذ أن دخلها الإسلام”.
أما في فرنسا فقد أوردت صحيفة “لاكسبريس” الفرنسية تقريراً عن انتشار الإسلام بين الفرنسيين جاء فيه: “على الرغم من كافة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية مؤخرًا ضد الحجاب الإسلامي وضد كل رمز ديني في البلاد، أشارت الأرقام الرسمية الفرنسية إلى أن أعداد الفرنسيين الذين يدخلون في دين الله بلغت عشرات الآلاف مؤخرًا، وهو ما يعادل إسلام عشرة أشخاص يوميًا من ذوي الأصول الفرنسية، هذا خلاف عدد المسلمين الفعلي من المهاجرين ومن المسلمين القدامى في البلاد”.
وقد أشار التقرير إلى أن أعداد المسلمين في ازدياد من كافة الطبقات والمهن في المجتمع الفرنسي، وكذلك من مختلف المذاهب الفكرية والأديان، من علمانيين إلى بوذيين إلى كاثوليك وغيرهم.
كما ورد في التقرير إلى أن عدد المعتنقين الجدد للإسلام من الفرنسيين يصل إلى 60.000 مؤخرًا، سواء أولئك الذين أسلموا بدافع حبهم وإعجابهم بهذا الدين، أو بدافع البحث عن الهوية والبحث عن الذات، الكثير منهم من شباب المدن، منهم مهندسون.. جامعيون.. رؤساء شركات.. مدربون.. مدرسون.. طلاب.. عاطلون.. متحفظون أو متدينون بشكل واضح..
كل هؤلاء الأشخاص يشكلون لبنة جديدة في المجتمع الإسلامي الجديد، وهم بمثابة الأسرة الكبيرة في مختلف مجالات الحياة بالمجتمع الفرنسي، ومن هؤلاء على سبيل المثال: مغني شهير في مدينة مرسيليا المسمى إخناتون، ولاعب الكرة (فرانك ريبري)، ومصمم الرقصات (موريس بيجار) وأيضًا (كليمون) -أصغر أبناء رئيس وزراء الحزب الاشتراكي السابق- موريس توريز..
ونظراً لهذه الشواهد المؤكدة لإقبال الغربيين على الإسلام فقد حذّر أسقف إيطالي بارز من (أسلمة أوروبا)، وفي مدينة بولونيا الإيطالية حذّر أسقف آخر من أن الإسلام سينتصر على أوروبا إذا لم تغدُ أوروبا مسيحية مجددًا..
ونظراً لأن النصارى خصوصاً رجال الدين ينظرون للإسلام بصفته ديناً منافساً، فقد رأوا فيه خطراً على أوروبا، ولذا حرصوا على إثارة الشبهات حوله لحماية النصارى من خطره كما يتصورون.
وقد جاءت الأحداث الأخيرة ليتخذوا منها أدلة يؤيدون به مزاعمهم الباطلة عن الإسلام، فزعم كثير من غلاة النصارى أن حوادث الإرهاب سببها دين الإسلام، يمكن لكل عاقل أن يجيب عن هذه الشبهة بحوادث التاريخ القريب، والواقع الذي نعيشه؟
فهل نقول: إن دين النصارى هو سبب الإرهاب لأنهم خلال الحربين العالميتين قتلوا الملايين من أبناء جلدتهم النصارى؟ فضلاً عمن قتلوهم من المسلمين أثناء حروبهم الاستعمارية.
هل ننسب القتل والتدمير إلى دينهم، لأن الأمريكان النصارى قتلوا مئات الآلاف بالقنبلة الذرية؟
هل نقول: إن دين النصارى يدعو للقتل واحتلال البلدان الأخرى، لأن الرجل المتدين المحافظ ربيب القسس (بوش)، غزا العراق ودمرها وقت آلاف المدنيين العزل، وأحدث فيها فوضى يجني مرارتها ملايين العراقيين؟
هل نقول: إن دين النصارى دين القتل والإرهاب، لأن قسس ورهبان “الهوتو” في إفريقية ساهموا في المذابح التي حدثت “للتوتسي”، وقد طُلب بعضهم كمجرمي حرب للأمم المتحدة؟
هل ما حدث في البوسنة والهرسك من مذابح واغتصاب للمسلمين على أيدي الصرب يُحسب على دين النصارى وعلى المسيح عليه السلام، لأنه جاء في الإنجيل “ما جئت لألقي سلاماً على الأرض بل سيفاً”؟
هل مذابح المسلمين في ليبريا وسيراليون التي قام بها النصارى ننسبها للمسيح ودينه؟
إن على البابا بندكت أن يصلح حال كنائسه التي زكمت فضائح شذوذ رجال الدين فيها الأنوف قبل أن يتحدث عن الإسلام ونبيِّه بتلك اللهجة المتحاملة، فمن كان بيته من زجاج لا يرمي الناس بحجر.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *